المتابعون

Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

المتابعون

اخبار عاجلة

latest

{ads}

نظرية الإدارة المحلية la théorie de l'administration locale

نظرية الإدارة المحلية la théorie de l'administration locale مقدمة : إن أنواع العلاقات بين القادة الحكوميين والجمهور تعتمد على ش...


نظرية الإدارة المحلية la théorie de l'administration locale

مقدمة:
إن أنواع العلاقات بين القادة الحكوميين والجمهور تعتمد على شكل الحكومة، والتركيب الإداري للحكومة، والعلاقات المتداخلة، والتعاون بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية والوكالات المحلية المتطوعة من جانب، وقدرة النظام الإداري الحكومي في الاستجابة لاحتياجات ومشاكل المواطنين من جانب آخر..
الحكامة هي أداة لتبسيط التوجهات الإستراتيجية الكبرى للإدارة، كما أنها طريقة للتدبير الجيد في خضم عملية الشراكة، وهي وسيلة لتجاوز العوائق التي تعارضنا، كما أن للحكامة أبعادا مختلفة، هذه الأبعاد يمكن اختزالها حسب معطيات الدورة في كون الحكامة الرشيدة عنصر لا يمكن فهمه إلا بعدم إقصاء أي عنصر، بمعنى استلهام كل الآراء وكل الطاقات والإمكانيات البشرية المتاحة.

وللحكامة الرشيدة غايات وأهداف، كعناصر تدخل ضمن فهم الحكامة الرشيدة، هذه الأهداف والغايات يمكن تسطيرها وإجمالها في التنظيم الجيد، وتوزيع المسؤوليات، وكذا الكفاءة في إسناد المسؤوليات. وأخيرا دعم المؤسسات في إطار عملية الإشراك والتشارك، داخليا وخارجيا.
المبحث الأول: تطور الحكم المحلي.
ترجع جذور الحكم المحلي إلى الماضي البعيد.. فمنظروا السياسة وفلاسفتها منذ عهد أفلاطون وسقراط قاموا بشرح وتفسير العديد من النظريات التي تصف مختلف الأنماط التي يمكن أن تأخذ بها الدول والأنظمة الحكومية.. وكان نتاج هذه الجهود حصيلة من الاصطلاحات والتعابير التي نستخدمها الآن.. فنظام الحكم يمكن أن يوصف بالديمقراطي، أو الديكتاتوري، أو حكم الملأ، أو حكم ملكي أو ملكي دستوري.. وهذه المسميات جميعها قد ساهمت كثيراً في تصنيف نظم الحكم..
والمقياس الذي يمكن الاعتماد عليه في تحديد طبيعة الدولة ونظام الحكم فيها يعتمد على عاملين أساسيين:
1- الحاجة إلى تركيز الجهد المحلي لخدمة أهداف واستراتيجيات مشتركة..
2- حاجة الدولة في الاستجابة للتطلعات والاحتياجات المشتركة لتقدم الوسيلة التي يمكن عن طريقها التعبير عن هذه الاحتياجات.. فالنظام الذي يتجه نحو الأسلوب المركزي يوصف بالنظام الديكتاتوري أو الطبقي.. بينما النظام الذي توزع فيه السلطات على مستويات مختلفة لتلبية احتياجات المواطنين يعرف بالنظام الديمقراطي..
إلا أن هذا التمييز غير كاف لتحديد أنظمة الحكم, فالأنظمة التي توصف بالدكتاتورية ربما تتجه نحو اللامركزية.. والأنظمة الديمقراطية ربما تميل نحو المركزية مع الاحتفاظ بمسئوليتها نحو الناخبين.
ومهما يكن من أمر فإنه بمراجعة مختلف النظريات السياسية التي تصف مختلف أشكال الدول والأنظمة السياسية, يمكننا أن نميز ثلاثة أشكال:
1- الدولة الموحدة.
2- الدولة الاتحادية..
3- الدولة الفيدرالية..

وتكون السلطات فيها مركزية بهدف تجميع كل موارد الدولة لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات العامة المشتركة للمواطنين وأشكال الدول الموحدة تختلف من دولة لأخرى وفقاً لدرجة تركيز السلطات وتوزيعها على مختلف المستويات.. وأفضل نمط يعبر عن الدولة الموحدة، بريطانيا وفرنسا..
وتسمى الدولة المتحالفة أيضاً وتتكون من اتحاد عدد من الدول لتكون دولة واحدة مع احتفاظ كل دولة بدرجة كبيرة من الاستقلال، وأصدق نموذج لها الاتحاد السويسري..
وهي تختلف عن الدولة الاتحادية في أربعة أوجه:
1- فالدولة الفيدرالية تتميز بقوة التنظيم، والوظائف التي تقوم بها وكذا ميزانيتها..
2- الدولة الفيدرالية تتعامل مباشرة مع المواطنين في الضرائب والتطبيق السريع لقراراتها.. بينما الدولة الاتحادية تعتمد على دول الاتحاد في التطبيق والتمويل لقراراتها ومشاريعها..
3- الدول في النظام الاتحادي يمكنها الانسحاب من الاتحاد بينما في النظام الفيدرالي لا يوجد هذا الحق..
4- القوانين الفيدرالية تسود على أي تشريع آخر، بينما القوانين الاتحادية تحتاج إلى موافقة دول الاتحاد عليها قبل تطبيقها..
وأخيراً فإن النظام الفيدرالي استحدثه الأمريكان.. وقامت دول أخرى بتطبيقه كالهند ونيجيريا وأخيراً السودان..
والدول الاشتراكية عامة تطبق أنظمة الحكم والإدارة التي سبقت الإشارة إليها، إلا أن هذا لا يمنع تمييزها بفلسفتها السياسية الخاصة التي تملى عليها تطبيقاً مغايراً لنظام الحكم والإدارة.. والنماذج هنا تتمثل في الاتحاد السوفيتي والصين..
مهما كان نظام الحكم المطبق في دولة ما، سواء أكان مطلقاً استبدادياً أو حكم طبقة معينة أو حكماً ديمقراطياً أو خليطاً منها جميعاً، فهو يعكس مظاهر مشتركة: فالدول جميعها المتقدمة منها والنامية، والتي تتبع منها النهج الغربي الليبرالي الديمقراطي, تتسم بممارسات ومزايا أساسية للحكم الذاتي المحلي يختلف عن تلك الدول الاشتراكية، إذ أن نظام الحكم المحلي هنا يمثل جزءاً من سياسة الدولة..
أما الدول النامية، فلها شكل مشترك، وهو أن أجهزة الحكم المحلي مؤسسة من أعلى، ومعظمها إما مأخوذ من أحد النمطين الغربي أو الشرقي أو من كليهما..
وعلى كل فإن هذا التصنيف يعكس عالمية الحكم المحلي، والذي يأخذ درجات متفاوتة من الاستقلال الذاتي سياسياً وإدارياً ومالياً.. فهنالك عوامل مشتركة تحدد: شكل ومزايا ومهام وعلاقات النظام.. وهنالك التاريخ والثقافة، والاقتصاد والسياسة, والتوزيع الجغرافي والسكاني..
إن الدور السليم للحكم المحلي في الدولة الموحدة قد تعرض للتجربة الأكاديمية والعملية في مجال الإدارة العامة لمدة طويلة.. وهذا الدور للحكم المحلي يدور حول اثنتين من القيم المتعارضة:
أ - الجدل حول المساواة والعدالة.. فأينما يسكن الناس يجب أن تكون لديهم المقدرة على التمتع بخدمات عامة ذات مستوى متساو تقريباً..
ب - أن يكون للمواطنين الحق في تحديد ما يجب أن يكون أو لا يكون من خدمات ومرافق وغيرها في منطقتهم..
وهنا نجد ثلاث وجهات نظر متباينة حول العلاقات المركزية المحلية:
أ - السلطات المحلية تمثل وكالات للحكومة المركزية، ودورها يتمثل في كفاءة تنفيذ السياسات التي يحددها المركز وهنا تترك للسلطات المحلية فقط تفصيلات الإدارة للتصرف فيها..
ب - السلطات المحلية شريكة الحكومة المركزية في تقديم الخدمات للجمهور بينما الخطوط العريضة للسياسة تحدد قومياً..
جـ - الموازنة بين الرقابة المركزية والاجتهاد المحلي، والسؤال الحاسم هنا هو ما مدى استعداد الحكومة المركزية بالسماح للسلطات المحلية بحرية الحصول والإنفاق المالـي، لقد أثيـــر هذا التساؤل في لجنة ليفيلد ( LayfieldCommittee ) التي كونت لتمويل الحكم المحلي في بريطانيا عام 1976م وكان جواب اللجنة عليه ( انه من رأي أعضاء اللجنة أن السبيل الوحيد للإبقاء على ديمقراطية محلية هو توسيع نصيب الضرائب المحلية في إيرادات الدخل المحلي وبذا يمكن لأعضاء المجالس المحلية أن يكونوا مسئولين أمام الناخب المحلي في الإنفاق وقرارات الضرائب)..
ومما لاشك فيه أن قضية قدرة السلطات المحلية على التمويل لتقوم بمسئولياتها في تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين ولتسيير المرافق العامة هي التي تحدد فعالية السلطة المحلية..
فالسلطة المحلية بدون قدرات مالية تحت تصرفها تصبح دون جدوى لوجودها، فالاعتماد على المنح المركزية والمساعدات غير مضمون، هذا بالإضافة إلى أن التمويل المركزي عرضة للتخفيض مما يلحق الضرر بالخطط والبرامج المحلية في تقديم الخدمات وتسيير المرافق العامة القائمة.. ولذا فقد ذهب كثير من الكتاب إلى المطالبة بمنح السلطات المحلية مصادر للتمويل تحت إشرافها وكذلك منحها الحق في فرض الضرائب.
وهذه قضية أساسية أخرى كقضية التمويل تعرض لها الباحثون بالدراسة، ففي دراسة حديثة لمستر (جفري استاينر ) نبه إلى ضرورة اعتبار السلطات المحلية كأنظمة سياسية لها أسلوبها الخاص وأساليبها المميزة في حل مشاكلها والقيام بوظائفها..
وهذه النظم المحلية تختلف في مدى التحضر الذي ينتظمها, كوجود وحيوية الأحزاب السياسية، والفئات التي تشكل مجموعات ضغط فيها، وكذلك تأثير بعض المجموعات والشخصيات من داخل وخارج السلطات المحلية..
وتمتلك الحكومة المركزية والسلطة المحلية موارد متنوعة والتي يمكن أن تكون في مصلحتها وقد تستخدم ضد مصلحتها..
وهذه تمتلكها الحكومة المركزية فقط، فالحكومة المركزية وحدها هي التي تشرع لخلق وتغيير وإلغاء السلطات المحلية.. وهي التي تمنحها السلطات وتسحبها منها، وهي التي تمنحها مصادر التمويل أو تأخذها منها..
وهذه تمتلكها كل من الحكومة المركزية والمحلية، فكل من أعضاء البرلمان أو المجالس المحلية يملكون الشرعية التي منحهم إياها الانتخاب العام..
حوالي 5. - 6. في المائة من دخل الحكومات المحلية يأتي عن طريق منح من الحكومة المركزية ولكن ما تبقى يتم الحصول عليه من الموارد المحلية، وما يعيب هذا المورد هو أن الحكومة المركزية يمكنها تخفيض الدعم المركزي للسلطات المحلية وهذا الإجراء من الحكومة المركزية يؤدي إلى رضوخ السلطات المحلية لرغباتها..
بالرغم من أن السلطات المحلية تنبع من التشريع المركزي، إلا أنه بمجرد منح السلطة يمكن أن يكون سلاحاً يستخدم ضد السلطة المركزية..
وهذه أيضاً تمتلكها كل من السلطتين المركزية والمحلية، كما ويمكن استخدامها لمعاقبة كل منها للآخر.
وعليه فإن العلاقات المركزية المحلية تمثل عملية تبادل يكون فيها تكافؤ القوى وفقاً لما يتوفر من مصادر لكل من المشاركين في تلك العلاقة..
إن عدم رضاء المواطنين عن الحكومات بمختلف أشكالها، يعبر عن الرغبة المتزايدة في مشاركة المواطنين في صنع واتخاذ القرارات..
فقد تم في بريطانيا عام 1969م تكوين لجنة لدراسة هذه الحالة وكان من أهم ما خرجت به تلك اللجنة تقرير بعنوان ( المواطنون والتخطيط ) أوصت فيه بتوحيد مشاركة المواطنين في عمليات تخطيط المدن والأرياف..
إن طبيعة مشاركة المواطنين تعتمد على نوعية القرارات والتغييرات التركيبية التي اتخذت وتهدف إلى زيادة مشاركة المواطنين في السلطة المحلية سياسياً وإدارياً وذلك بخلق وحدات صغيرة يسهل الوصول إليها، كما أنها يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في تنشيط الاهتمامات والمصالح المحلية والانغماس فيها..
إن مشاركة المواطنين تزيد من أهمية المجموعات الضاغطة لأن هذه المجموعات تستطيع أن تستخدم أساليب المشاركة لتوصيل آرائها..
يعتبر القائد المحلي العنصر الأساسي في النظام الإداري فهو واحد من القلائل الذين يلمون بالنظام كاملاً، ويستطيع التأثير فيه..
ينبغي على القائد المحلي أن يكون متمتعاً بمقومات القائد، وأن تكون لديه آراء قوية وأفكار محددة ورغبة وعزيمة في تنفيذ تلك الأفكار وتحريك العمل، وذلك لأن وضعيته مميزة في صنع السياسة ووضع الأسبقيات في المجلس، هذا بالإضافة إلى قيادته في الأعمال اليومية واتخاذالقرارات اليومية..
لاشك أن مشاركة المواطنين من مختلف الاتجاهات القومية، والقبلية والعنصرية في مساندة الجهود التنموية تعتبر عملاً ايجابياً ومرغوباً فيه، فالحكم المحلي الذي يعتبر جهداً دفاعياً ضد التسلط المركزي، هو أيضاً وسيلة فعالة لنشر وتوسيع مشاركة المواطنين في الجهود التنموية.. إن تأثير هذه المشاركة من قبل المواطنين عظيم على المستوى المحلي، ففي هذا المستوى المحلي فقط تكون الخدمات العامة ذات قيمة بالنسبة للمواطن..
وهنا نجد أربعة أنواع للمشاركين:
1- المواطنون المحليون..
2- الصفوة المحلية..
3- الموظفون الحكوميون..
4- الموظف الأجنبي..
المجموعتان الأوليان لهما جذور محلية، ويساهمان مباشرة في مشاركة المواطنين، فالمواطنون المحليون في المنطقة الريفية يتكونون من المزارعين سواء أكانوا مستأجرين أو ملاكاً للأراضي، والرعاة والحرفيين، بينما الصفوة المحلية هي التي لها التزام نحو المنطقة التي تعمل فيها، وتختلف من منطقة لأخرى، وبالنسبة للمجتمع الريفي، نجد ثلاث مجموعات من الصفوة..
1- القادة غير الرسميين مثل رؤساء العشائر، رجـال الديـن، الموظفين الذين لهم نفـوذ في المجتمع، ووجهاء البلد..
2- الرؤساء المشاركون، سواء أكانوا منتخبين أو معينين للمنظمات الرسمية كزعماء الاتحادات المهنية..
3- شاغلوا الوظائف المحلية، رؤساء الوحدات، الشيوخ، العمد وجامعوا الضرائب..
أما المجموعتان الأخريان، فتمثل الأولى منهما مستخدمي الوحدات الحكومية المحلية من أبناء المنطقة المحلية، بينما المجموعة الثانية تمثل المستخدمين الذين قدموا من خارج المنطقة للعمل فيها..
بالإضافـة إلى مشاركة المنتخبين في الإدارة، فإنه يمكن تحديد أربعة أبعاد للمشاركة:
1- المبادرة في صنع القرارات المستمرة والموضوعات العملية..
2- المساهمة في التطبيق بالعمل على زيادة الموارد، وكذلك المساهمة في العمليات الإدارية وتنسيق العمل.
3- المساهمة فيما يعود بالمنفعة بالاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية..
4- المشاركة في تقييم الأداء والخدمات بغرض التحسين ورفع الكفاءة..
إن مشاركة المواطنين عبر الخدمات الحكومية المحلية تعبر عن الجهود الحقيقية كما وأنها تخدم ثلاثة أهداف تنموية:
1- تطوير القدرات الإدارية..
2- تحديد أولويات البرامج..
3- التقويم والإصلاح..
ولا شك أن المواطنين يمكنهم المشاركة من خلال عملية انتخابات المجالس المحلية، وعبر الإجراءات الإدارية والسياسية في تحديد أولويات البرامج التنموية وتنفيذها، وينبغي أن يسمع صوت المواطنين في توزيع الخدمات وتركيزها: كالمدارس والمستشفيات ومختلف مؤسسات الخدمة الاجتماعية.. الخ
وعبر هذا الإطار العام للمشاركة، فإننا نلقي الضوء على مشاركة المواطنين في الدول النامية، وتتمثل هذه المشاركة في وضع وتنفيذ سياسات التنمية المحلية سواء أكان ذلك بجهودهم الذاتية أو بالتعاون مع الوكالات والمؤسسات المحلية أو الحكومة المركزية، أو بتضافر جهود الجهات الثلاث:
1- سياسياً بالتمثيل في المؤسسات الحكومية لاتخاذ القرارات..
2- تنموياً بتنفيذ المشاريع التنموية..
ولاشك أن هذين النوعين من المشاركة، في اتخاذ القرار وفي التنفيذ لا غنى عنهما في مختلف أنظمة الحكم الرأسمالية أو الاشتراكية أو النامية ولكن بدرجات متفاوتة..
ومن الملاحظ أن البيروقراطية الحكومية، هي من أهم الوسائل لتحقيق أهداف التنمية في الدول النامية، ولا يمكن هنا تجاهل الصفوة ودورها في تكوين سياسات مشاركة المواطنين في كل من صنع القرار وتنفيذه..
إن مشاركة المواطنين تحقق منافع كثيرة في مجالات حيوية:
1- التنمية الاقتصادية والاجتماعية..
2- التنمية السياسية..
3- الكفاءة الإدارية..
4- الوحدة القومية..
يعتقد معظم الاقتصاديين أن الدول النامية لا يمكن أن تحقق معدلات التنمية المطلوبة باعتمادها على التمويل الأجنبي، وصحيح أن رأس المال الأجنبي يدعم المشاريع التنموية، ولكنه ليس المصدر الأساسي للتنمية، فالدول لا يمكن أن تتطور، مالم تعتمد على مواردها الذاتية المحلية، وأهم هذه الموارد الذاتية هو الإنسان..
وأية دولة تتجاهل هذا المصدر الأساسي وتعتمد على رأس المال والتكنولوجيا فقط فسوف تخلق عبئاً على التنمية، وهذا العبء يتزايد كمه وينتج عن ذلك تضاؤل في كفاءة العمل ومن ناحية أخرى ستواجه الدولة تنمية غير متوازية فبعض الناس سينالون أكثر من غيرهم بمعنى أن يزداد الغني غنى والفقير فقراً..
إن استراتيجيات التنمية ينبغي أن توجه نحو المناطق الريفية، حيث الحاجة الملحة لدراسات التنمية البيئية، والمواطنون في المناطق الريفية يجب أن يدركوا ويلموا بأهمية هذه المشاريع التنموية حتى يساهموا في تنفيذها، إن تنفيذ المشاريع التنموية دون إحساس المواطنين بأهميتها وما تدره من فوائد عليهم يجعلهم يقفون عقبة في طريقها..
يتفق منظرو السياسة وكتابها أن أي نظام سياسي لا يكون ديمقراطياً إلا إذا كان يحتوي على شكل من أشكال الحكم المحلي، وتعتبر اللامركزية الحكومية واحدة من أهم وسائل المشاركة الفعالة، وجدير بالذكر أن المشاركة في الحكومة تتبعها لا مركزية إدارية..
إن دور المشاركة في الإدارة الفعالة يمكن الإحساس بفائدته في المجالات التالية:
1- يسمح للقادة بوقت كاف يمكنهم من التفرغ للتخطيط القومي..
2- مستوى الخدمات، وأداء المرافق العامة سيكون تحت الإشراف والرقابة المباشرين لمستخدميها والمنتفعين بها..
3- أنماط جديدة من المؤسسات تناسب الوحدات الريفية سوف تظهر..
4- سلطة صنع القرارات وتنفيذها ستكون قريبة من مواقعها وبالتالي تقصير الظل الإداري مما يرفع من كفاءة الأداء..
تؤدي مشاركة المواطنين في السلطة إلى تقوية الوحدة القومية وبصفة خاصة في الدول النامية ويرجع ذلك إلى أن العلاقات الأسرية والقبلية والعشائرية أقوى من الإحساس بالروح القومية، وبذا يمكن إذابة العنصرية القبلية وصهرها في البوتقة القومية..
تجابه مشاركة المواطنين في الدول النامية المشاكل التالية:
1- مشاكل اجتماعية: وهذه ترجع إلى الاختلاف في التركيب الاجتماعي والثقافة العامة في المجتمعات غير المتطورة..
2- مشاكل إدارية: وهذه نتيجة لوجود مؤسسات إدارية متطورة في محليات تعوق مشاركة المواطنين في المناطق الريفية..
3- مشاكل اقتصادية: إن العامل الأساسي والهام الذي يعوق مشاركة المواطنين في المناطق الريفية للدول النامية هو نقص الموارد المالية، ونقص الموارد هذا يرتبط بالانفجار السكاني الذي أصبح ظاهرة في الدول النامية..
ومثل هذه المشاكل لا يمكن علاجها ما لم تتوفر لدى هذه الدول قيادات مخلصة وملمة بالاحتياجات الفعلية لمجتمعاتها ليتم تخطيط وتحديد الآتي:
1- أسبقيات التنمية التي تتمشى مع الاحتياجات الفعلية للمواطنين..
2- المصادر السليمة والجادة للتمويل..
3- اختيار التقنية المناسبة التي تتمشى مع البيئة المحلية..
يعتبر الحكم المحلي وسيلة فعالة من وسائل التنمية شأنه في ذلك شأن الوكالات العامة.. وكذلك فإن أنواع الخدمات التي تقدمها السلطات المحلية متنوعة وتختلف من دولة إلى أخرى.. إن الهدف الأساسي الذي من أجله أنشئت الحكومات المحلية بمختلف أشكالها وأنماطها منذ العصور الوسطى هو تقديم الخدمات للمواطنين، والراحة في السكن، والتعليم العام، وإنشاء شبكات الصرف الصحي، والإمداد بالمياه العذبة, وشق الطرقات.... الخ.... فتقديم مثل هذه الخدمات وغيرها يمتص معظم الأموال التي ترد لخزينة الحكومة المحلية في شكل ضرائب ومنح.. ولا يخفىأن بعض الخدمات تلتزم الحكومة المحلية بتقديمها قانوناً مثل خدمات التعليم للأطفال في معظم دول العالم..
وإلى جانب الخدمات الأساسية، كالتعليم، والصحة والإسكان والخدمات الاجتماعية فإن السلطات المحلية تقوم بتقديم خدمات المكتبات العامة المجانية والحدائق العامة، والمتاحف الفنية، وصالات الاحتفالات، وأحواض السباحة، والمراكز الرياضية وميادين اللعب.. الخ..
هذا إلى جانب خدمات البوليس والطوارئ، ومثل هذه الخدمات تخلق مشاكل من نوع خاص لأنها ترتبط بالمحافظة على النظام العام واكتشاف الجريمة إن أمكن قبل وقوعها لتجنبها..
أما إدارة الموارد، فموضوع متنازع عليه داخل وخارج السلطة المحلية.. إذ يعتقد الكثيرون أن السلطات المحلية إهدار للمال والقوى البشرية..
وبالرغم من هذا الاعتقاد، فإن الاتجاهات الحديثة في الحكم المحلي تتجه نحو منح الحكومات المحلية والإدارة المحلية موارد للدخل كافية حتى تتمكن من تمويل خدماتها وإنشاء مشاريعها بما يلبي احتياجات مواطنيها..
إن انتشار الإعلام ووسائل الاتصال جعل من الصعوبة إخفاء المعلومات أو التلاعب بالحقائق ولنفس السبب فإن كفة العلاقات العامة التي تعتمد على الإعلام الصادق تزداد رجحانا مقابل كفة الدعاية التي تعتمد على إخفاء وتحوير الحقائق..
هناك على الأقل ركنان من أركان العلاقات العامة، هما العمل الجيد للمنظمة ككل والإعلام المدروس الذي تقوم به الجهة المختصة بنشاط العلاقات العامة.. والعلاقات العامة لا تنتهي عند هـذا الحـد، إذ لابد للمنظمة إذا أرادت أن تبني سياستها وأعمالها على ضوء رغبات وحاجات الجمهور، فإن عليها أن تتعرف على تلك الرغبات والحاجات بالرجوع إلى الجمهور واستلام المعلومات منه.. فالدراسة المستمرة للرأي العام ومراقبة ردود فعل الجمهور تجاه المنظمة ونشاطها وهذا ماتعبر عنه المعادلة:
العلاقات العامة = الأداء + الاتصالات
والعلاقات العامة تساعد المنظمات على خدمة الفرد بأفضل صورة، فالمساهمة في خدمة الفرد ورفاهيته هي السبيل الوحيد لبقاء أية منظمة مهما كان نوعها وهدفها..
تستهدف الدول من العلاقات العامة إيجاد علاقات عامة طيبة مع المواطنين تقوم بوضع كل المعلومات والأنباء والإحصاءات والحقائق وما تقوم به من أعمال وخدمات في متناول أيديهم وسمعهم وأبصارهم باستخدام وسائل الإعلام المختلفة: كالصحف، المجلات، الكتب، النشرات، اللافتات، الملصقات، الراديو، التليفزيون، السينما، المعارض، المهرجانات، الاجتماعات بالإضافة إلى المفكرين والخطباء.... الخ..
وتلجأ بعض الدول إلى التعرف على وجهات نظر المواطنين واتجاهات الرأي العام عن طريق ما ينشر ويكتب في الصحف والمجلات وعن طريق شكاوى المواطنين.. وقد تعتمد على الاستفتاءات في بعض المناسبات لغرض معرفة آراء المواطنين.. وقد تفتح باب المناقشات في أي موضوع من المواضيع..
تشتمل هذه العوامل على عوامل داخلية وعوامل خارجية.. أما العوامل الداخلية فتتمثل في:
- سياسة الإدارة العليا: وتأخذ شكل فلسفتها تجاه الجمهور، وسياسات العاملين والسياسة الإعلامية للمؤسسة بالإضافة إلى الإمكانات المادية والبشرية.
وتشمل العوامل الخارجية ما يلي:
- النظام السياسي: ونعنى به الإطار العام الذي يتحدد فيه شكل الدولة وأهدافها العامة ومهماتها الأساسية القطرية والقومية في جميع مجالات الحياة العامة سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو معنوية..
ولوسائل الإعلام والاتصال بالجماهير تتضح أهمية وكيفية الوصول إلى أذهان الجماهير وأفكارهم والتأثير فيهما.. وللإعلام والعلاقات العامة مسئولية كبيرة في التنمية وذلك لتوضيح الرؤيا في مسيرة التنمية القومية..
- البيئة الاجتماعية: تعتبر المؤسسات الاقتصادية صناعية أم تجارية أم خدمية منظمات اجتماعية، لأنها تهدف إلى تحقيق أهداف اجتماعية بعيدة المدى تتعلق بالعدالة الاجتماعية..
والمؤسسات القائمة في المجتمع تؤثر في البيئة الاجتماعية، كما وأن البيئة هي الأخرى تؤثر في المؤسسات القائمة.. ولاشك أن البيئة هي الأصل الذي يحوي تلك المؤسسات وأن المؤسسات والجماعات والأفراد هي الفروع..
تتأثر المنظمات بالعوامل الاجتماعية وهي تشمل: القيم الدينية، الأيدلوجيات العليا، النظام العام, الآداب والأخلاقيات، القوانين الوضعية..
تشمل جماهير المنظمة أنماطاً مختلفة من الجماهير والمجموعات التي تتميز كل منها بأهداف وغايات ورغبات وأذواق وقدرات معينة على التأثير على نشاط المنظمة وعلى رأس هذه الأنماط الحكومة وهي بما تفرضه من نظام عام وعقيدة سياسية واقتصادية عليا، وقوانين ترسم الخطوط الأساسية والتفصيلية لكيفية إنشاء المؤسسة وتخطيط أهدافها وأساليب عملها..
وهكذا فإن الرأي العام يتكون بالتدريج نتيجة لعمل المؤثرات الحسية والنفسية والبيئية ولقد تعددت وسائل الاتصال العامة ولم تعد قاصرة على الصحيفة التي كانت مسيطرة خلال القرن التاسع عشر، لقد تطورت هذه الوسائل تطوراً مذهلاً: فأجهزة الراديو والتليفزيون مواليد عصرية قللت من دور الصحافة باعتبارها المحتكر الأول للرأي العام فدخلت هذه الوسائل الحديثة كل قرية وكل بيت وهي تتصل بالمواطن دون عناء وقد أصبح التليفزيون يكتسب جمهوراً متزايداً على مر الزمن بفضل التطور العلمي..
1- الاهتمام بإنشاء مكاتب الاستعلامات وتزويدها بالموظفين الأكفاء والمدربين على أساليب مخاطبة المواطنين والرد على استفساراتهم وتساؤلاتهم..
2- إنشاء مكاتب خاصة بشكاوى المواطنين وأخرى بمقترحاتهم مع تزويد تلك المكاتب بالكادر المؤهل والقادر على تقييم تلك الشكاوي والمقترحات والتعامل معها حتى يحس المواطن بجدية تلك المكاتب..
3- إصدار النشرات والكتيبات التعريفية بالأنشطة المختلفة وطريقة استفادة المواطنين منها والمشاركة فيها..
4- تخصيص برامج في الإذاعة والتليفزيون لمعالجة مشاكل المواطنين والإجابة على استفساراتهم..
5- تنظيم ندوات ومحاضرات عامة لمناقشة المواطنين في الأمور التي تهمهم وأخذ آرائهم ومقترحاتهم فيما يقدم لهم من خدمات وطريقة تحسين وزيادة كفاءة تلك الخدمات..
6- عرض الأفـلام التعريفية والثقافية والتعليمية لربط المواطن بالأنشطة المختلفة..
يعتبر مصطلح الحكامة من أهم المصطلحات التي تم تداولها في الحقل التنموي منذ نهاية الثمانينات، حيث ثم استعماله لأول مرة من طرف البنك الدولي في 1989 الذي اعتبر الحكامة أنها:" أسلوب ممارسة السلطة في تدبير الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من اجل التنمية" .
وقد جاء استعمال البنك الدولي آنذاك لمفهوم الحكامة في إطار تأكيده على أن أزمة التنمية في إفريقيا هي أزمة حكامة بالدرجة الأولى: بسبب فساد النظم السياسية وضعف التسيير والتخطيط.
و يعرفه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأنه "نسق جديد من العلاقات والمساطر والمؤسسات التي تتمفصل بها مصالح المجموعات والأفراد، وتمارس الحقوق والواجبات، وتفك الخلافات والنزاعات، يقوم على تذويب التراتبية وتشجيع التشارك بين المسيرين والمساهمين وحسن التنظيم وتوزيع المسؤوليات وصقل القدرات ودعم التواصل داخليا وخارجيا.
وفي تصريح لمجلس وزراء خارجية السوق الأوربية المشتركة مؤرخ ب 28 نوفمبر 1991، جاء ما  يلي: "يلح المجلس على أهمية الحكم الجيد، وفي حين يبقى من حق الدول ذات السيادة إقامة بنياتها الإدارية وترتيباتها الدستورية،فإن تنمية عادلة لا يمكن إنجازها فعلا وبشكل دائم إلا بالانضمام إلى مجموعة من المبادئ العامة للحكم: سياسات رشيدة اقتصاديا واجتماعيا، شفافية حكومية، وقابلة للمحاسبة المالية، إنشاء محيط ملائم للسوق قصد التنمية، تدابير لمحاربة الرشوة، احترام القانون وحقوق الإنسان، حرية الصحافة والتعبير،وهذه المبادئ ستكون أساسية في علاقات التعاون الجديدة" .
فمن الصعب ضبط مفهوم الحكامة وإعطاؤه تعريفا موحدا ونهائيا لارتباطه بمجالات متعددة ولتعدد صيغ تداوله، فهو حسب لجنة الحكامة العالمية مجموعة الطرق التي تدبر بها المؤسسات العمومية والخصوصية قضاياها.
ومن بين التعاريف التي يمكن استقراؤها من خلال المجالات التي وظفت فيها:
- الحكامة إعادة صياغة العلاقة بين كل المتدخلين على أساس مفهوم التعاقد، التشارك والتوافق.
- الحكامة مقاربة ورؤيا وفلسفة جديدة للتغيير، لها مضمون اقتصادي مالي اجتماعي وسياسي باعتبارها النهج الأكثر نجاعة لتدبير الشأن العام والمجتمعي.
- الحكامة نمط جديد لتدبير السلطة والتنظيم السياسي والاجتماعي وهي رؤيا جديدة للدولة والمجتمع العلاقات الرابطة بينهما، ولسبل قيادة التغيير، وهي بذلك أيضا مقاربة جديدة لتدبير التغيير في المرفق العمومي والخصوصي، والمجتمع المدني.
- الحكامة تعبئة للطاقات والموارد وترشيد استثمارها لتأمين شروط تدبير جيد.
وعموما، تم تعريف الحكامة  من قبل كثير من الباحثين على أنها: "الطريقة التي تباشر بها السلطة في إدارة موارد الدولة الاقتصادية منها والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية.
فالحكامة لا بد أن تعتمد على عدد من المحاور الأساسية منها: صيانة الحرية، أي ضمان توسيع خيارات الناس، وتوسيع المشاركة الشعبية والمساءلة الفعّالة والشفافية الكاملة في ظل فصل السلطات والتوازن بينها، وسيادة القانون والقضاء المستقل والنزيه والكفء، الذي تنّفذ أحكامه من قبل السلطات التنفيذية.
لذلك فالحكامة الجيدة، في أي مجتمع وأي مؤسسة حكومية كانت أو غير حكومية، تبقى من أهم الضروريات لإنجاح المشاريع التنموية، إلا أن تطبيقها يتطلب سيادة جو تسوده الشفافية والمسؤولية ودولة القانون والمشاركة واللامركزية والتنسيق بين كل المتدخلين.
بعد تغير وظائف الدول، أصبحت هذه الأخيرة مجرد فاعل في صنع القرار إلى جانب شركاء جدد في تدبير الشؤون المحلية، يكتسبون بدورهم أهمية بالغة - خاصة المجتمع المدني والقطاع الخاص - نتيجة الصعوبات التي يعرفها المجال التنموي المحلي.
أصبح المجتمع المدني فاعلا أساسيا في النهوض بالأعمال الاجتماعية المحلية، خاصة بعد فشل المبادرات الفوقية والقطاعية من طرف الدولة، إذ تصاغ المخططات و البرامج في المركز و تطبق على المستوى المحلي دون معرفة مسبقة بحاجيات و متطلبات الساكنة المحلية. أيضا هناك عامل أساسي، كرس بدوره أهمية المجتمع المدني في التنمية المحلية، وهو دور المنظمات الدولية التي بدأت تضع الثقة أكثر في الجمعيات لتصريف المساعدات الاجتماعية. أضف إلى ذلك احتكاك المجتمع المدني بالواقع الأمر الذي يؤهله أكثر للقيام بأدوار تنموية تتلاءم و حاجيات الساكنة المحلية.
وتتحقق المشاركة الحقيقية للمجتمع المدني من خلال فعالية المبادرات التنموية التي يطرحها واعتماد ممارسة واقعية لصياغة وتنفيذ ومتابعة المشاريع التنموية.
كما ان مشاركة المواطن في تحقيق التنمية المحلية، والتي تنبني على وعيه بحقوقه وواجباته وما يجري حوله من أحداث ووقائع، وقدرته على فهم مشكلات المجتمع. وهذا يفترض بعض المتطلبات كالتعليم والخبرة والوعي وحقه في الحصول على المعلومات من مختلف المصادر. وتتحقق مشاركة الفرد في عملية التنمية من خلال حقه في اختيار ممثليه ومساهمته الفعلية في تدبير الشأن العام المحلي. و مدى كون القرارات المتخذة ناتجة عن متطلبات وحاجيات الساكنة المحلية.
وتوفر الديمقراطية نهج حكم جيد قائم على المشاركة السياسية الواسعة للأفراد، وبالتالي ان عزوف الأفراد عن المشاركة في العمليات الانتخابية التشريعية او الجماعية يطرح مشكل مدى مشروعية المنتخبين والقرارات التي يتخذونها، فالمواطن هو أساس التنمية. كذلك تتيح الديمقراطية تدبير عقلاني للإدارة وتفادي كل أشكال الطرق غير الشرعية في إدارة الشؤون المحلية.
تتمثل أهمية الحكامة في هذا المجال في طرح وسائل وطرق جيدة للتدبير من طرف القطاع الخاص، خاصة بعد فشل بعض المنظمات العمومية في تدبير المرافق المحلية باعتمادها توجهات غير صائبة في التسيير. وبالتالي تمنح آليات الشراكة مع القطاع الخاص إمكانيات وفرص حقيقية من أجل تدبير المرافق العامة المحلية، وذلك عن طريق عقد اتفاقيات التعاون والشراكة أو شركات الاقتصاد المختلط أو التدبير المفوض أو عقود الامتياز... وهذا بدوره يتيح آليات جديدة للتدبير وتجاوز الطرق التقليدية في تدبير المرافق العامة المحلية. إضافة إلى أن تنفيذ السياسات التنموية المحلية من طرف القطاع الخاص يعتبر أكثر فعالية من الناحية الاقتصادية. مما يدعو إلى البحث المستمر عن ملائمة وفعالية السياسات التنموية المحلية وضرورة توضيح التزامات الفاعلين وعقلنة التدبير.
بالنسبة لتدبير الشأن المحلي بالمغرب، فان وزارة الداخلية عاكفة على بلورة مخطط "الجماعة في أفق 2015" بحيث أوضح وزير الداخلية المغربي السيد شكيب بنموسى، في معرض رده على سؤال محوري بمجلس المستشارين في الدورة البرلمانية الماضية، حول التصور المستقبلي للجماعات المحلية بالمغرب،  أن هذا المخطط يشمل ميدان التخطيط، وتفعيل دور الإدارة المحلية، وتعبئة الموارد المالية للجماعة، والاحترافية في تدبير مرافق الجماعة.
فعلى مستوى التخطيط، أبرز السيد بنموسى أن هذا المخطط يهدف إلى تعزيز ثقافة التخطيط وتقوية الجماعات للتمكن من تفعيل مخططاتها ومشاريعها، مبرزا أهمية التخطيط في تحقيق التنمية المحلية.
أما تفعيل دور الإدارة المحلية فسيتم، حسب الوزير، عبر هيكلة الإدارة التي يتعين أن تتوفر على تنظيم محكم ونظام معلوماتي وآليات تدبير حديثة.
كما شدد على أهمية تحديث الموارد البشرية، وذلك من خلال عدة أوراش تهم بالأساس آليات التوظيف لتمكين الجماعات من جلب أفضل الكفاءات وآليات التحفيز والتكوين، حتى تمارس الكفاءات الحالية المهام المنوطة بها في أحسن الظروف، وكذا آليات التأطير الإداري للموارد البشرية، وذلك بإيلاء عناية خاصة للطاقم والأطر التي ستتولى المسؤولية في المناصب العليا في تدبير الجماعة.
وبخصوص الموارد المالية والتي لازالت حسب السيد بنموسى "غير معبئة بالشكل المطلوب"، فقد فتحت الوزارة عددا من الأوراش تهم تعبئة الموارد الممكنة وتدبير الممتلكات التي توفر مداخيل للجماعات، مشيرا في هذا الصدد إلى عرض مشروع قانون تدبير الممتلكات على مستوى المجلس الوزاري مؤخرا.
ولضمان الاحترافية في تدبير المرافق، أكد السيد بنموسى على سن الضوابط المرجعية لإنجاز المشاريع، وتوفير الدلائل المسطرية، وتعزيز الكفاءات بالبرامج التكوينية الضرورية.
وفي السياق ذاته، أبرز السيد بنموسى أن مواكبة الجماعات المحلية لكسب الرهانات على مستوى هذه الميادين، جعل الوزارة تتبنى مقاربة مندمجة ترمي إلى وضع مجموعة من المناهج وآليات التدبير النموذجية رهن إشارة الجماعات.
وأكد أن مواكبة الدولة لا تعني بأي حال من الأحوال القيام بواجبات الجماعة، بل إن دورها يكمن في توفير كل ما يلزم بما في ذلك تعبئة التمويلات وتقديم الدعم التقني، من أجل توفير كل شروط النجاح بما فيها تلك المرتبطة بتخليق العمل الجماعي.
كما ذكر أيضا بأن الوزارة قامت منذ بداية سنة 2008، بأكثر من 150 مهمة مراقبة كشفت أن أغلبية الاختلالات راجعة أساسا إلى نقص في الإلمام بالمساطر، كما بينت وجود خرق القانون في عدد محدود من الحالات.
كما حث المواطنين على التحلي بمسؤولية المشاركة أولا وحسن اختيار من سيدبر شؤونه ثانيا، مجددا التأكيد على أن الحكومة، ستتصدى بكل حزم لكل ما يمكن أن يمس النزاهة والاختيار الحر للمواطن والتدبير الجماعي الجيد.
ولكي تكون الحكامة رشيدة في تدبير الشان المحلي والارتقاء بتنمية الجماعات المحلية بالمغرب ينبغي ان تقترن بصياغة مشروع تنموي محلي ياخذ بعين الاعتبار الخصوصاية المحلية و يعتمد  على عدة مرتكزات اساسية اهمها:
- الرؤية الإستراتيجية يجب أن يستهدف أي مشروع للتنمية تمكين جميع الناس في المجتمع وتوسيع نطاق خياراتهم، وهنا يطرح تساؤلا هاما وهو هل المنتخب الجماعي يحمل رؤية استراتيجية عند ولوجه معترك الانتخابات الجماعية؟ وهل الأحزاب السياسية تقدّم للانتخابات الجماعية مرشحين يتميزون بالأمانة والكفاءة، ويكونون في مستوى تطلعات المواطنين؟
المشاركة يتعين أن يشارك في بلورة المشروع مختلف مكونات المجتمع  واخص بالذكر الأساتذة الباحثين في بلورة الشق النظري للمشروع  التنموي المحلي والتحديات التي تواجهها الجهة والإقليم والجماعة، والمجتمع المدني في الشق التطبيقي بالإضافة إلى إشراك كل المؤسسات في مجال اختصاصها من منظمات نقابية ومؤسسات التربية والتكوين وتعاونيات ،..
الشفافية والسلاسة في تبادل المعلومات بين مختلف المتدخلين ضمانة ضرورية للتشخيص السليم وللتخطيط العلمي والتقييم الدقيق.
المحاسبة: المشروع  التنموي المحلي في المحصلة عبارة عن توافق وتبادل للالتزامات من أجل تحقيق نتائج وأهداف مشتركة وأي إخلال بأي من هذه الالتزامات سيضر بمجمل المشروع لذا يتعين اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمتابعة تنفيذ التعهدات وهنا يطرح تساؤل هام وهو إلى أي حد تلعب المجالس الجهوية للحسابات دورها كاملا في محاسبة ومتابعة وتقييم أداء مالية الجماعات المحلية ؟ والى أي حد تلعب وزارة الداخلية دورها المركزي في تقييم أداء تدبير وتسيير الجماعات المحلية وكذا ما مدى دعم وزارة الداخلية للجماعات المحلية التي تبادر بمشاريع تنموية محلية هامة تعود بالنفع العميم على الساكنة المحلية وتخلق فرصا للعمل وتخلق إشعاعا ثقافيا وسياحيا ورياضيا للجهة التابعة لنفوذها.
الفعالية: فعالية المشروع التنموي المحلي رهين بدرجة مساهمة النتائج المتوقعة منه في تمكين الساكنة من القدرات الأساسية وتوسيع نطاق خياراتهم الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها. مع الأخذ بعين الاعتبار مدى تحقيق المردودية والجودة والإنتاجية واعتماد مبدأ الانفتاح.
التوافق:توافق المعنيين دعامة أساسية لنجاح أي مشروع تنموي  سواء أكان الأمر يتعلق بالمجالس الجهوية رئيسا وأعضاء أو بالنسبة للشركاء المتدخلين بالجهة وهو نتيجة طبيعية للمشاركة الفعلية في التشخيص والتخطيط و التشاور والتنفيذ.
حسن تدبير المشروع التنموي المحلي  وذلك بحسن استثمار الموارد المادية والبشرية المتاحة للجماعات المحلية .
* الانجـاز: يعد القرب والتشارك والإشراك، اللاتمركز واللامركزية والتواصل شروط أساسية لتأمين الانجاز الذي ينبني على الكفاءة الشفافية، الجودة والنجاعة، والحد من هدر الوسائل والإمكانات.
ان التقسيم الجماعي الحالي لا ينطلق من منظور شمولي يأخذ بعين الاعتبار البعد الجغرافي و والاقتصادي والاداري والاجتماعي والثقافي والمجالي، كما انه لا توجد معايير دقيقة للتمييز بين الجماعات الحضرية والجماعات القروية ، وعدم وجود معايير دقيقة لترقية الجماعات القروية الى جماعات حضرية فهناك مشروع هام  اليوم لتأسيس وإحداث عمالات جديدة بعدة جهات من المغرب ومنها عمالة وزان وعمالة سيدي سليمان وعمالة برشيد وعمالة تنغير ... لكن ما هي المعايير التي تم اعتمادها لإحداث هذه العمالات؟
هناك تحدي متعلق بالصعوبات القائمة لتجسيد الحدود الترابية لبعض الجماعات الحضرية والجماعات القروية ، مما نتج عنه مشاكل ومنازعات في  ممارسة الاختصاصات الجماعية، بحيث يصعب أحيانا تحديد النفوذ الترابي الذي تمارس ضمنه الجماعات اختصاصاتها وبالتالي يصعب معه تطبيق هذه الاختصاصات مثل ماهية الجهة القانونية المختصة لمنح رخص التعمير وتسليم بعض الوثائق الإدارية...
جاء الميثاق الجماعي الجديد المعدل عام 2008 والذي دخل حيز التنفيذ بعد الانتخابات الجماعية الأخيرة، معتبرا أن الدولة منتقلة من منطق الوصاية إلى منطق المواكبة للجماعات المحلية وهو ما صرح به وزير الداخلية  قبيل الانتخابات الجماعية الأخيرة بقوله أن "الانتقال التدريجي من ممارسة الوصاية إلى منطق المواكبة يعد تطورا أساسيا لحمل الجماعات على أن تصبح فاعلا رئيسيا في مجال العمل العمومي".
وأوضح بنموسى أنه بالنظر إلى التطورات البارزة، التي عرفتها كل حلقات سيرورة الديمقراطية المحلية، يتضح بكل جلاء أن جماعة الغد ستتوفر على إطار قانوني ومؤسساتي ملائم لممارسة كامل صلاحياتها واختصاصاتها كفاعل قرب للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وتدور محاور تدخل الدولة حول "تخطيط التنمية المحلية والهيلكة والأنظمة المعلوماتية، وتعبئة الموارد المالية، وتحديث تدبير الموارد البشرية، وتدبير محترف للمرافق العمومية المحلية، فضلا عن الإطار القانوني ومواكبة المؤسسات".
فيما يتعلق بالحكامة المحلية الرشيدة ينبغي اخذ بعين الاعتبار النقط التالية:
- حاجة الجماعات المحلية للإمكانيات وافتقارها للدعم و سلبيات التقطيع الترابي و مركزية القرارات وسلطات الوصاية...
-مقاربة ترابية محلية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة ترابية على حدة.
- مقاربة شاملة لمختلف التحديات الملقاة على عاتق الجماعات المحلية المغربية من أجل ممارسة قيادية للتنمية ولمجالاتها الترابية
- يتعين على الجماعات المحلية أن تتقاسم المسؤولية مع الفاعلين المحليين الآخرين لاسيما المجتمع المدني.
-  ضرورة خلق فضاءات للتشاور والتداول والتبادل بين مختلف الفاعلين بالمجال الترابي.
- تطوير القدرة على إعادة الثقة والتقويم الذاتي لدى الجماعات المحلية.
- ينبغي ضبط عدة مفاهيم أساسية في مجال تدبير الشأن المحلي  من قبيل المشاركة المحلية، الديمقراطية التمثيلية، الديمقراطية التشاركــية، ميكانيــزمات مشاركة المجتمع المدني و المواطنين و مبادئ الحكامة المحلية، المشاريع المحلية،التنمية المحلية،..
- تأهيل الجماعات المحلية و هيآت المجتمع المدني لجعلها قادرة للانخراط في عملية المشاركة في التنمية المحلية.
وأخيرا، لقد باتت التنمية حق من حقوق الإنسان ففي العام 1977  بحيث دخل " الحق في التنمية" في جدول أعمال لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وبذلك بدأت مرحلة جديدة من مراحل تطور حقوق الإنسان.
وعليه فانه من حق ساكنة كل جهة بالمغرب ان تنعم بتنمية شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية مبنية على أسس الديموقراطية المحلية والشفافية والفعالية والمشاركة.

1 ـ حكـامة المــدن: لقد أصبحت المدينة المغربية مع ترسيخ اللامركزية والديمقراطية المحلية فضاء قانونيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا يتم فيه التعبير عن حاجيات ساكنة حضرية في تزايد مستمر ، فلم يعد بإمكان المدن أن تبقى حبيسة نماذج التدبير الإداري التقليدي، بل وجب عليها أن تتجه نحو نظم تفسح المجال لحكامة تشاركية تمكن من انخراط العديد من المتدخلين ، ولمبادرات خلاقة تستند إلى شراكة إرادية للفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين.
اعتبارا لذلك، ستتم في إطار موضوع حكامة المدن مناقشة الجوانب التالية  :
العلاقات بين الدولة والمدن : يتعلق الأمر هنا بدراسة تطور مسار اللامركزية وشروط نجاحها، وخاصة كيفية تحسين وتقوية العلاقات المؤسساتية و التعاقدية بين الدولة والمدن، فالتعاقد بين الفاعلين العموميين الوطنيين والمحليين، يمكن من تحسين وعصرنة العلاقات بين الدولة والمدن وذلك من خلال  :
- تحديــد مسـؤولــيــات مختــلف الفاعــلين العـمـومــيين بشكل واضح (الدولة /المدينة ) ؛
- تعبئة جميع الفاعلين العموميين ؛
- التنسـيـق الفعال في إنجاز مشاريع التنمية؛

- توازن مالي للمدينة يتجاوزالإطار الضيق للميزانية السنوية إلى مدى أبعد.
وبالفعل ، يتطلب مفهومي الشراكة والتعاقد اليوم أشكال جديدة للتنظيم ووضع آليات مناسبة تمكن من إجراء التشخيصات وتحديد التوجهات ورسم الأهداف ، فضلا عن مساهمة الفاعلين وتقييم النتائج.
العلاقات بين المدن والشركاء المحليين (القطاع الخاص – المجتمع المدني...) :

تستوجب حكامة المدن ، وجود تنسيق بين جهود الفاعلين الاقتصاديين بالنسبة للمشاريع المقدمة من طرف المنتخبين وذلك من خلال تطوير الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ء وتقتضي في الآن نفسه تعبئة الجمعيات المحلية وذلك حتى يتسنى للمواطنين المشاركة في مختلف مراحل إنجاز المشاريع المحلية .
وفي هذا الإطار، فقد خولت للجماعات المحلية صلاحيات جديدة ترمي إلى إشراك الساكنة في تدبير الشأن المحلي.

فالنصوص القانونية التي صدرت سنة 2002 دعمت الديموقراطية المحلية التشاركية وحثت المدن على تشجيع إحداث جمعيات الأحياء السكنية ، التي تشكل نقطة وصل للتبادل والتحاور بين المنتخبين والمواطنين .
وفي هذا الإطار، فقد اتسم نمط الحكامة الذي انبنت عليه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإشراك كافة المتدخلين في التنمية من قطاع عمومي (الدولة والجماعات المحلية ) ومجتمع مدني وفاعلين اقتصاديين خواص.
النظام القانوني المنظم للمدن التي يزيد عدد سكانها عن 500.000 نسمة : تخضع المدن الكبرى منذ إحداث نظام وحدة المدينة ببلادنا لنظام خاص يتجسد في تواجد مجلس للمدينة يتمتع باختصاصات واسعة ومجالس للمقاطعات لا تتوفر على الشخصية القانونية.

وبمقتضى هذا النظام الخاص ، تتكون المدن التي يتوفر فيها المعيار الديموغرافي المذكور من جماعات حضرية تسري عليها أحكام القانون العام ومن مقاطعات مسيرة من طرف مجالس منتخبة ذات اختصاصات استثناثية .
ورغم إجماع كل الفاعلين حول وجاهة الإصلاح ، فقد تعددت التأويلات فيما يخص نوعية العلاقة التي تجمع بين مجلس المدينة ومجالس المقاطعات وبمفهوم القرب وآليات التنسيق القائمة بين مختلف المتدخلين العموميين المحليين.
إضافة إلى ذلك، يحتاج مفهوم الصالح العام باعتباره مبدءا ينظم علاقات التعاون الجماعي إلى تفكير معمق يفضي إلى اقتراح وسائل ناجعة لتشجيع اللجوء إلى هذا النوع من التعاون الذي يهدف إلى تنسيق وعقلنة العمل الجماعي بغية تحسين جودة خدمات المرافق العمومية.


 2 ـ المرافـق العمـوميـة :تحتل المرافق العمومية المحلية مكانة هامة ضمن أنشطة الجماعات ، ومن بين المرافق التي عرفت نموا ملحوظا تلك المتعلقة بالخدمات المقدمة عبر الشبكات كتوزيع الماء الصالح للشرب والتطهير الساثل وتوزيع الكهرباء والنقل الحضري والنظافة .
لكن وبالرغم من المجهودات المبذولة ، لازال حجم الحاجيات الناجمة عن النمو الحضري المرتفع وعن وتيرة تطور الأنشطة في تزايد .إضافة إلى ذلك ، يقتضي تعدد المتدخلين وصعوبة توفير التمويل اللازم البحث عن أنماط جديدة للتدبير ووضع آليات للمراقبة والضبط .
ويعتبر هذا اللقاء مناسبة لتعميق التفكير في التطور المستقبلي لهذه المرافق والتي بلغ تدبيرها مستوى معينا من النضج . فهي توفر بالنظر إلى التجربة الملحوظة التي راكمتها قيمة مضافة مرتفعة وإمكانيات مهمة للتنمية تجعلها تحظى برضي واستحسان المواطنين والمجتمع المدني.

إن أفاق تنمية هذه المرافق ذات الطابع التجاري والصناعي تقتضي تظافر جهود كل من الجماعات المحلية والدولة والقطاع الخاص لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين .
ولهذا، يتعين البحث في سبل تنمية هذه المرافق وذلك من خلال الإشكاليات التالية :
تمويل المرافق العمومية : إن اتساع الفرق بين الموارد وتكاليف إنتاج الخدمة ، وتفاقمها بسبب تطبيق تسعيرات تفضيلية بالنسبة لبعض الخدمات، جعلا البحث عن موارد دائمة للتمويل أمرا ملحا وضروريا.

فالتمويل يعتبر إكراها يتعين معالجته نظرا لتوسع نشاط هذه المرافق وارتفاع تكاليفها ومحدودية الموارد التي توفرها التعريفة. وفي هذا الصدد، هناك عدد من التوجهات الهامة التي تقتضي الدراسة، ومن بينها على سبيل المثال:
- التعريفة الملائمة ؛
ـ مبدأ تغطية التكاليف ؛
ـ إحداث صناديق للدعم...
مراقبة وضبط المرافق العمومية : لقد وفر القانون المتعلق بالتدبير المفوض للجماعات إطارا ملائما لاختيار طرق تدبير المرافق العمومية. لكن يتعين الآن تتميمه وغناؤه بمنظومة مؤسساتية ، تحتوي على آليات فعالة لتنظيم وضبط أنشطة المستغلين. فقد أضحت الحاجة ملحة إلى مثل هذه الآليات بالنسبة للنقل الحضري داخل التجمعات الكبرى التي تستعمل بداخلها العديد من وسائل التنقل ؛
التعاقد في تدبير المرافق العمومية : كيفما كانت الطبيعة القانونية للفاعل أو مستغل المرفق ، فإن العلاقات التي تربطه بالجماعة يجب أن تكون تعاقدية. فمسطرة التعاقد هاته ستمكن من تحديد الأهداف المبتغاة ومن حماية أموال المرفق ، التي تعتبر في نفس الوقت ممتلكات جماعية ، وكذا من تحديد الالتزامات المتبادلة ؛
الأنماط البديلة للنقل الحضري : تقتضي معالجة هذا الجانب إنجاز مخططات التنقلات الحضرية ، التي ستمكن من تحديد التوجهات بخصوص الجوانب الهامة المتعلقة بهذا المرفق . فهذه المخططات ستساعد على تحديد منظور واضح المعالم لتنمية النقل الجماعي وإيجاد وسائل تنقل اقتصادية وأقل إضرارا بالبيئة. كما أنها ستشكل أداة لتعميق البحث حول أنظمة جديدة للنقل (النقل الجماعي ذي السعة الكبيرة...)
3 ـ نـمـو الـمـدن : عرف عدد سكان المدن بالمغرب نموا سريعا خلال الأربعين منة الأخيرة ، حيث انتقل من 3.4مليون نسمة سنة 1960 إلى 16.5مليون مئة 4002 بمعنى أنه تضاعف أربع مرات في أقل من نصف قرن مما رفع نسبة التمدن من 29% إلى 55 %بالنسبة لمجموع سكان المغرب . و حسب توقعات المندوبية السامية للتخطيط سيصل عدد السكان إلى 25 مليون سنة 2020.
ولقد أصبح من المؤكد اليوم أن مدننا أضحت المجال الرئيسي لخلق الثروات كما تعتبر قطبا يلعب دور القاطرة بالنسبة للاقتصاد الوطني. وباعتبارها محركا للتنمية، ستلعب خلال السنوات القادمة دورا فعالا في تأهيل البلاد و في تحسين تنافسيتها على الصعيد الدولي.

فبالنظر إلى تسارع وتيرة التمدن ونمط الحكامة المعتمد وتعدد السياسات القطاعية الحالية داخل المجال الحضري، فإن مدننا تفتقر إلى الوسائل والإمكانيات الكفيلة برفع التحديات وتأمين تنمية اقتصادية مستدامة .
وبالنسبة لحركية التمدين، فقد كانت لظاهرة التوسع والامتداد المفرط انعكاسات ملبية نذكر من بينها:
ـ نقص حقيقي في المرافق والتجهيزات التحتية ؛
ـ مشاكل التنقل والخصاص في النقل الحضري العمومي؛
ـ تدهور الفضاءات العمومية والمحيط الذي يعيش فيه السكان؛
ـ تنامي السكن غيراللائق بمختلف أشكاله؛
ـ تمدن مفرط أدى إلى اختلاط ضواحي المدينة بالمجال القروي.

وتواكب هذا التطور اختلالات جسيمة كانحلال النسيج الحضري و تفاقم ظاهرة الإقصاء الاجتماعي.
إن كل أشكال القصور هاته تفرض على بلادنا إجراء تقويمات تجعلها قادرة على التحكم في ظاهرة التمدن وعلى استباق حجم وأبعاد تطوراتها، علما أن هذه الظاهرة أضحت معطى بنيويا في تطور المجتمع والاقتصاد الوطني. فالتحكم في نموالمدن وتهيئة إطار حضري جيد يمثلان تحديا كبيرا بالنسبة للنمو الاقتصادي والمحافظة على القيم الراسخة للمجتمع المغربي.
لقد تبين أنه من الضروري بلورة رؤية جديدة لتنمية مدننا من أجل تعبئة مختلف الفاعلين وتحديد الرهانات التي تتعدى الإطار الضيق للتدخل القطاعي إلى مقاربة شمولية تقوي وترسخ الأبعاد المختلفة - الاقتصادية والاجتماعية والبيئية - للمدينة . فالمشروع الحضري المطلوب سينبثق من توافق عام وتصور جماعي وتحكم مستمر في الموارد.
لهذا ستمكن مناقشة هذا الموضوع من تحديد توجهات عمل تكون بمثابة إجابات على التساؤلات التالية  :
ـ كيف يمكن التوفيق بين التوسع الغير محكم للمدن وضرورة التخطيط الحضري و التنمية الاقتصادية؟
ـ ما هي الآليات المؤسساتية والمالية والتقنية التي يجب وضعها من أجل استباق أبعاد التوسع الحضري والتحكم فيه و فتح مناطق جديدة للتمدن ؟
ـ أي دور يجب أن يلعبه الفاعلون المؤسساتيون من أجل مواكبة الجماعات المحلية في وضع وتنفيذ سياسة حضرية ؟
ـ كيف يمكن تعبئة الموارد وتمويلات مختلف الفاعلين في المدينة من أجل إنجاح سياسة حقيقية للمدينة وذلك أمام الحاجيات المتزايدة للسكان الحضريين وتحديات التنمية ؟
ـ كيف يمكن في مجال محدد ضمان تقارب السياسات القطاعية من خلال مشاريع تتوقف فعاليتها على التنسيق ؟
  




المراجع المعتمدة:
The new trends in local government is to give the local governments enough resources to finance its services and projects and hence satisfy the needs of the citizens.
References:
Brownstone, Meyer and Plunkett T.J.: Metropolitan Winnipeg - Politics and reform of local government. University of California Press, London 1983.
Elcock, Howard: Local government - Politician, professionals and the public in local authorities. London, Methon & Co., 1982.
Harlow, Le Roy F: Servants of all, professional management o f city government. Birmingham, Young University Press, New York, 1981.
Muttalib, M.A. and Mohd. Akbar Ali Khan: Theory of local government. New Delhi: Sterling PUblishers, 1983.
Stewart, John: Local government - the conditions of local choice. University of Birmingham, London:1983.
1- احمد رشيد، الإدارة المحلية - المفاهيم العلمية ونماذج تطبيقية، دار المعارف, القاهرة 1981م
2- عبد القادر الشيخلي، نظرية الإدارة المحلية والتجربة الأردنية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر - عمان 1983م..
3- عادل حسن - العلاقات العامة - دارة النهضة العربية للطباعة والنشر - بيروت 14.4هـ / 1984م..
4- فخري جاسـم سليمان، عبد الرزاق إبراهيم الشيخلي، فضيلة صادق زلزلة - العلاقات العامة - مطابع مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر - جامعة الموصل - العراق - 1981م..
Journals:
Documentation in Public Administration. Vol. 7, No. 1, January 1975.
Documentation in Public Administration. Vol. 6, No. 4, October, 1978
Local Government Studies - New Series. Vol. 1, No. 1, April, 1975.
Local Government Studies - New Series. Vol. 3, No. 3, July 1977.
Local Government Studies - New Series. Vol. 1., No. 2, April 1984.
تعليقاتكم وانتقاداتكم مهمة

ليست هناك تعليقات