مرجعية الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية اعداد: العثماني العاقل باحث بسلك الدكتوراه بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة البنية...
مرجعية الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية
اعداد: العثماني العاقل
باحث بسلك الدكتوراه بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة
البنية التسلسلية للصراعات
-
تنشا أغلب الصراعات والنزاعات في العالم نتيجة بعض الأفكار التي يكونها كل جانب عن الجانب الآخر أو ربما تحدث نتيجة للإختلاف الشديد في الطرق التي يحــاول بها الأفراد والجماعات وأحيانا الدول في حل مشاكلهم، الا أنه لا يختلف اثنان على أن مظاهر الصراعات والنزاعات القائمة بمختلف دول العالم، هي صراعات ذات بنية معقدة وناتجة عن عدد من التراكمات الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الدينية وأحيانا أخرى تأخذ طابعا عرقيا وقوميا....الخ، وأن لهذه الصراعات امتدادات وتراكمات تاريخية يصعب حصرها واخضاعها لدراسات دقيقة، يمكن من خلالها التوصل الى تشخيص الأسباب الحقيقية والخروج بخلاصات تضمن الاجابة عن عدد من التساؤلات من جهة، وتؤسس الى مرحلة يمكن من خلالها ضمان عدم تكرار ألأمر.
ان جل الدراسات والأبحاث التي أجريت في مجال دراسة اسباب النزاعات والصراعات القائمة بعدد من بؤر التوتر، لم تتوصل الى ايجاد الصورة والبنية التسلسلية التى ادت الى وجودها في تلك المناطق، حيث يتمير كل نزاع أو صراع حول مناطق معينة بخصائص منفردة، تجسد الواقع والحالة الخاصة للمجموعات المتناحرة، سواء كان الصراع سياسيا أو ثقافيا أو عرقيا أو دينيا....الخ.
- كما أن أغلب الصراعات والنزاعات القائمة في مختلف أنحاء العالم، تنشأ اما أوفوقيا أو عموديا، حيث يمكن أن تبدأ من مناطق وأقاليم محدودة جغرافيا لتنتقل وتتوسع لتشمل مناطق ودول أخرى، كما يمكن أن تجد مناطق ودول نفسها داخل صراع اقليمي أو دولي فرضته الظرفية والجغرافية، دون أن يكون للدولة أو الإقليم مصلحة أو رغبة في ذلك، وهو ما يجعل مسألة استقراء البنية التسلسلية للصراع مسألة بعيدة المنال وأن الظرفية والجغرافية والتاريخ عناصر مهمة لتحليل البنية دون أن يكون لها تأثير بخصوص ايجاد تصور متكامل لنسق الحلول الممكنة.
المرجع الاساسي للصراعات في العالم
- ان المتأمل البسيط لأسباب وتداعيات نشوب النزاعات والحروب في العالم، سيرتكز في فهمه لهذا الموضوع حول الاسباب الظاهرية للموضوع، والتي تكمن أساسا في رغبة البعض في إقتسام الموارد وكيفية توزيعها، وشعور البعض الأخر بالإقصاء وبأنه لا ينال نصيبه من إمكانات دولته ويسعى للحصول عليها بالقوة، بالإضافة الى رغبة مجموعات أخرى في الحصول على السلطة وترسيخ مفهوم السيطرة والاستحواذ كما حدث في عدد من التجارب وخصوصا منها الافريقية، بالإضافة الى الفكر التوسيعي الامبريالي لدول أخرى التي لا تكتفي بادارة شؤونها وانما تريد أن تستحوذ على ادارة شؤون دول أخرى لحاجتها ورغبتها الملحة في استغلال ثرواتها وتصريف ازماتها الاقتصادية.
- ان مفهوم الاستحواذ على الثروة واستغلالها يظل الخيار الراجح ضمن العناصر والخيارات التي ذكرنا في مقدمة هذا الموضوع، حيث يعد السبب الرئيسي الذي يختصر معاني المفاهيم والمصوغات الأساسية الأخرى، فالدول الامبريالية التوسعية مثلا، تراهن في استراتيجياتها الاقتصادية على خلق صراعات وانشقاقات داخل مجموعات عرقية أو سياسية أو بين دول معينة، حتى تتوفر الشروط الموضوعية للدخول على خط الموضوع، في صورة النقذ من الأزمات والوارث الانسانية، بينما باطن هذا التدخل يكون لإذكاء فتيل الصراع وجعله يتطور بشكل دراماتكي، لتصير الدول أو المجموعات المتناحرة، عاجزة عن تدبير شؤونها تحت تأثير عامل الاستنزاف، وهو ما يمهد الطريق ويجعله سالكا أمام القوى الامبرالية التوسعية لفرض شروطها، التي غالبا ما تتركز حول كيفية الاستثمار الجيد في الصراع، بنهب الثروات وبيع الأسلحة والمعدات للجهات المتناحرة وتقديم الدعم العسكري واللوجيستيكي لكل الجهات المتناحرة.
واقع وأفاق الصراعات في العالم
- ان أغلب الصرعات القائمة في مختلف مناطق العالم، تحكمها المرجعية الاقتصادية، وتدار بعقلية عسكرية، وتصريف لعدد من المفاهيم والنظريات التي ترتكز على حرية الرأي واختلاف الحضارات والثقافات،وكلها مصوغات أوجدتها لوبيات الضغط الاقتصادي في العالم، لتضمن من خلالها استمرار اختلاف الشعوب وافتعال النزاعات العرقية والقومية لإنجاح مخططاتها الاقتصادية التوسعية، وهو ما يجعل أفق الصراعات في العالم مظلم، فما دامت أن هناك حواضن لأفكار تجسد الإختلاف بمستوياته وأشكاله، وما دام أن هناك من يعمل على انشاء، مرجعيات تعبرعن أقلية داخل دول من المفروض أن تكون لها مرجعية موحدة تستمدها من توجهاتها الاستراتيجية الكبرى، وأن ترتبط بالحاجات الملحة للسكان، فانه لا يبدو أن هناك حلول تلوح في الأفق وأن استمرار نشوب النزاعات وافتعال بؤرات في مناطق متفرقة من العالم هي مسألة روتينية وأن لا أحد يمكنه أن يتوقع ما ستؤول اليه الأمور في المستقبل، وأن الدول الامبريالية التوسعية تجيد لعبة تبادل الأدوار وأن الدول والمناطق التي تتوفر على موارد طبيعية ستشكل دائما الهدف الخلفي لكل صراع أو نزاع.
تعليقاتكم وانتقاداتكم مهمة
ليست هناك تعليقات