رئيس مكتب التصويت : الدعامة الأساسية للعملية الانتخابية . محمد البكوري . دكتور في الحقوق . باحث في علم السياسة تع...
محمد البكوري.
دكتور في
الحقوق.
باحث في علم السياسة
تعتبر الانتخابات سيرورة من السيرورات المستمرة زمنيا و"كيانيا". وهي السيرورة
التي تتأطر مفاهيميا، بشكل جزئي في
العمليات الانتخابية المتعددة
وبشكل كلي في الأزمنة الانتخابية
المختلفة. في هذا السياق، سنجد أن انتخابات
السابع من أكتوبر أطرتها مجموعة من
التواريخ والمدد الزمنية، أوما يمكن
تسميته بالأجندة الزمنية للانتخابات:
حصر اللوائح الانتخابية
العامة بصفة نهائية
وتأليف الهيئة الناخبة
من طرف اللجان الإدارية (28
غشت 2016)، ايداع التصريحات بالترشيح (من الأربعاء 14 شتنبر إلى غاية
الثانية عشرة من زوال
يوم الجمعة 23 شتنبر 2016 )
الحملة الانتخابية ( الساعة الأولى من يوم
السبت 24 شتنبر إلى
غاية الثانية عشرة
ليلا من يوم الخميس 6
أكتوبر2016) . وفي نفس
الإتجاه، تم التأطير الزمني لعملية
التصويت ( الجمعة السابع أكتوبر 2016، من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة
السابعة مساء ).
وهي العملية ، التي يشرف على إدارة مساراتها مكتب للتصويت،
تحت رعاية رئيس خاص به، يتم تعيينه
–وفق مقتضيات القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب- من بين
الموظفين أوالاعوان بالإدارة
العمومية أو الجماعات الترابية
أو من بين مستخدمي المؤسسات العمومية
أو الناخبين غير المترشحين الذين يحسنون
القراءة والكتابة، شريطة الإتسام
بمبادئ النزاهة والحياد، مع ما يرتبط بذلك
من حنكة وتبصر ودراية وحسن تدبير، بالنظر إلى أهمية اللحظة الانتخابية المرتبطة بعملية
التصويت في المسلسل الديمقراطي برمته،
وباعتبار المكانة القانونية الرائدة الممنوحة من طرف المشرع لكل من أونيطت به مهمة رئاسة مكتب التصويت، من حيث تخويله
مجموعة من الحقوق، مع إلزامه في المقابل، بأداء جملة من الواجبات.
وذلك بحكم جسامة المسؤولية الملقاة على
عاتقه، حيث أن مسارات دمقرطة وحكامة
الشأن الانتخابي، تعتبر متينة الصلة بحسن قيامه بالمهام الموكولة له، وفق الشروط والكيفيات التي يحددها القانون
الانتخابي وتسهر الإواليات التنظيمية
الأخرى، من قبيل حضور ممثلي المرشحين في مكاتب التصويت ورصد
الملاحظين الانتخابيين وتقديم الطعون الانتخابية على تدعيم كفايتها وترسيخ أسس نجاعتها... بداية،
حددت المادة الأولى من مرسوم رئيس الحكومة
رقم 2.16 .69 الصادر في 29 يناير 2016 تاريخ
انتخاب أعضاء مجلس
النواب يوم الجمعة 7 اكتوبر2016
. وقبل ذلك، حدد القانون
التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، في الفقرة الأولى
من المادة75، الوقت المخصص لإجراء عملية التصويت كما يلي :" يفتتح الاقتراع
في الساعة الثامنة صباحا، ويختتم في الساعة
السابعة مساء" .
وهو المسار الزمني، الذي يتحكم في تطبيقات
سلامة ومصداقية وشفافية الفعل
الانتخابي ككل، باعتبار يوم
الاقتراع ، هو امتحان ديمقراطي
يجتازه كل الفاعلين، من ناخبين ومرشحين وأحزاب سياسية ودولة. امتحان
يوطد في حالة النجاح فيه، أسس ومقومات الانتقال الديمقراطي الحقيقي، مادامت
الإوالية الانتخابية إوالية ضرورية
لتكريس الأبعاد الديمقراطية في أية دولة
من الدول، والعكس صحيح. على هذا الأساس،
تتجلى الأدوار الريادية، التي يضطلع بها
رئيس مكتب التصويت في هذا الزمن الانتخابي،
والذي يبدو لأول وهلة قصيرا - بالمقارنة
على الأقل مع الزمن السياسي-، في حين أن مدد رهاناته –بما فيها الرهانات السياسية –
ستستغرق نسبيا وقتا طويلا. فكيف يمكن
الوقوف على كل ذلك، من منظور مساهمة رئيس
مكتب التصويت في حكامة الفعل الانتخابي؟
وفق مقتضيات المادة
74 من القانون التنظيمي رقم
27.11، يتم تعيين من سيعهد
إليهم برئاسة مكاتب التصويت ونوابهم، بموجب قرار عاملي 48 ساعة على الأقل قبل تاريخ الاقتراع. ويتم اختيارهم
من بين الموظفين أو الأعوان بالإدراة العمومية أو الجماعات الترابية أو من بين المستخدمين في المؤسسات العمومية أو الناخبين
الذين يحسنون القراءة والكتابة، مع ضرورة مراعاة
اتصافهم بكل شروط النزاهة والحياد ...
ويعين
أيضا الأشخاص الذين يقومون مقام
رؤساء مكاتب التصويت،
إذا تغيبوا أو عاقهم عائق. وبذلك سنجد أن المشرع كان موفقا أثناء تنصيصه لكل ما سبق ذكره في المادة75. وهو ما يمكن أن نستشفه، من الملاحظات التالية :
أولا :حيث
أن شرط التعيين بقرار عاملي ، يعد شرطا ضروريا وحاسما، عمليا وقانونيا. وهو
ما ذهب إليه المجلس الدستوري في إحدى قراراته الشهيرة ( قرار رقم 515 بتاريخ 4 يونيو 2003
،منشور بالجريدة الرسمية
عدد5120
بتاريخ 26
يونيو 2003) . حيث أكد فيه أن " تعيين
رؤساء مكاتب التصويت من صلاحية العامل. ولا يمكن
الحد من هاته الصلاحية
إلا بمقتضى القانون" ومن ثم ، يعد التقيد بهذا الإجراء الجوهري، أثناء تشكيل مكتب
التصويت مسألة مفصلية، ومن ضمانات السير العادي والقانوني للعمليات الانتخابية. ثانيا : إعطاء
الأفضلية للموظفين أو الأعوان أو المستخدمين، يعتبر مسألة من الأهمية بمكان، بحكم أن
الإشراف على العملية الانتخابية على مستوى مكتب التصويت ليس بالأمر هين.
حيث أن العملية تتطلب دراية عميقة بالقانون الانتخابي ومهارات على صعيد الإدارة والتنظيم والقيادة وسرعة البديهة للكشف والوقوف
في وجه المناورات التدليسية التي يمكن أن تقع
أثناءعملية التصويت، وكذا اشتراط
نزر ولو يسير من التقنيات الحسابية في
اللحظة التي يتم فيها فرز أوراق التصويت وتجميع وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج ، ومن ثم
الإحتراز من الوقوع في فخ الأخطاء
الحسابية... فعدم مراعاة هذه المواصفات من
شأنه أن يحول بالتأكيد أمام الأداء الجيد لمكتب التصويت، وبالتالي عدم الإطمئنان إلى النتائج التي تم الحصول عليها، ومن ثم عدم الإعتداد بها أصلا . حيث من شأن ذلك أن يرجح كفة مرشح على آخر أو لائحة ترشيح على أخرى، مع ماقد ينجم عن كل ذلك من ضرب صارخ في مصداقية العملية
الانتخابية برمتها. هذا من جهة، من جهة أخرى تبرز أهمية تعيين الفئة السالفة الذكر، على مستوى رئاسة مكاتب
التصويت أثناء عملية وضع المحاضر، والتي
تتطلب بالضرورة الإلمام بكيفية التحرير
وعدم ارتكاب بعض الأخطاء الشكلية أو الموضوعية، والتي يمكن أن تؤثر بشكل أو بآخر في حجية محاضر مكاتب التصويت، ومن ثم
فتح الباب على مصراعيه أمام كثرة تقديم الطعون الانتخابية . ثالثا : إن تعيين
رؤساء المكاتب من بين الموظفين، يغني عن اللجوء
في حالة الإضطرار إلى تعيينهم من
بين الناخبين، والذين قد تحول عدم معرفتهم
للقراءة والكتابة، كما يشترط القانون من
رئاستهم لمكاتب التصويت. وفي حالة العكس،
نكون أمام حالة الإخلال بشرط جوهري لامحيد
عنه لتشكيل مكتب التصويت، مما قد يمس
بسلامة الإجراءات الانتخابية ونزاهة عملية
الاقتراع . في هذا الصدد، نجد أن المجلس الدستوري في إحدى قراراته(قرار رقم399
بتاريخ 13 يونيو 2000 منشور بالجريدة الرسمية عدد4810
بتاريخ 6 يوليوز2000) يذهب إلى حد الإعلان عن
بطلان هذه العملية، في حالة تشكيل مكتب التصويت من أشخاص لا يحسنون القراءة والكتابة. إذ يرى القرار ما يلي : " وحيث يبين من نتائج
البحث الذي قام به المجلس الدستوري أن مكاتب التصويت ذات الأرقام...
ضمت بالفعل من بين أعضائها أشخاص لا يحسنون القراءة
والكتابة، حسب ما صرح به
المعنيون بالأمر، تأكيدا
لما جاء في المحضرين الإستجوابيين
المذكورين ... وحيث ما تنص
عليه أحكام ... من وجوب
معرفة أعضاء مكتب التصويت
القراءة والكتابة يعتبر شرطا جوهريا
لضمان سلامة الاقتراع ، وأن عدم
توفره يترتب عليه
بطلان تشكيل مكتب التصويت
وعدم الإعتداد بالأصوات المدلى بها ..." رابعا : يعتبر اشتراط
مبدأي النزاهة والحياد في رؤساء المكاتب
قضية حيوية في مسارات العمليات الانتخابية.
وذلك درءا لكل ما من شأنه أن يعكر صفو الأجواء الديمقراطية، التي ينبغي أن تسود
بين المترشحين المتنافسين وتفاديا للقيل والقال وضمانا للمزيد من الشفافية والمساواة وتكافؤ
الفرص. وهي المسألة ، التي أكدها المجلس
الدستوري في قرارات مرتبطة بطعون مختلفة، من قبيل القرار رقم 716 ( بتاريخ 16 أكتوبر 2008
منشور بالجريدة الرسمية عدد 5682
بتاريخ 13 نونبر 2008) ، والذي يرى فيه
أنه ليس في القانون
ما يمنع تكليف نفس رؤساء مكاتب التصويت
الذين سبق تعيينهم في انتخابات سابقة، مادام أنه توفر
فيهم شرطي النزاهة والحياد "،
وكذا القرار رقم 729 (بتاريخ 7يناير 2009، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5 فبراير 2009) ، والذي صرح فيه المجلس الدستوري أن " اثبات الإخلال
بمستلزمات النزاهة والحياد من مسؤولية الطاعن " ، وأيضا القرار رقم
780، (والصادر في 18
يوليوز 2009 ، الجريدة الرسمية عدد 5760 ، ص 4354) والذي يرى :
" حيث أنه فضلا، أنه ليس في القانون
ما يمنع من تعيين رؤساء
مكاتب التصويت من بين
موظفي الجماعات التي يرأسها مرشحون
للانتخاب أو ذووهم ، طالما
لم يقترن ذلك بتحيز
رؤساء وأعضاء تلك
المكاتب، أو بالإخلال لما يجب أن يتوفر
فيهم من نزاهة وحياد ." وهو القرار الذي تم تدعيمه في نفس السياق، بقرار آخر للمجلس الدستوري تحت رقم 781 ( بتاريخ 7 أكتوبر 2009 ، منشور بالجريدة
الرسمية عدد 5782 ، ص 5389) . خامسا : مسألة تعيين نواب لرؤساء مكاتب التصويت، بنفس كيفيات وشروط تعيين
الرؤساء، من شأنه أن يوفر استمرارية العملية الانتخابية،
تبعا لمعايير الكفاية والنجاعة اللازمتين. إن
المكانة السامقة، التي حظي بها رئيس مكتب التصويت في القانون الانتخابي المغربي ،ستبرز
أساسا في أهمية السلط المخولة له في تسيير شؤون المكتب، وكذا في الصلاحيات التي أوكلت
له في تدبير مسارات عملية التصويت ، في إطار
المزيد من تكريسه لجملة المبادئ الموطدة للحكامة الانتخابية. ففيما يتعلق
بالجانب الأول، تتجلى السلط المخولة بحكم القانون لرئيس مكتب التصويت كما يلي : أولا،
سلطة
الاقتراح ، فمع حلول الوقت
المقرر لساعة افتتاح الاقتراع(
الثامنة صباحا ) .وفي حالة إذا ما تعذر حضور
أي عضو من أعضاء مكتب
التصويت، والذي تم
تعيينه من طرف العامل لمساعدة رئيس مكتب
التصويت ، خول القانون لهذا الأخير، إمكانية إختيار لمساعدته الناخبين الأكبر سنا
والناخب الأصغر سنا من بين
الناخبين غير المترشحين
الحاضرين بمكان مكتب التصويت
الذين يحسنون القراءة والكتابة. وهي
الوضعية التي يتولى فيها العضو الأصغر سنا مهمة
كتابة مكتب التصويت، حسب منطوق الفقرة
الثالثة من المادة 74 من
القانون التنظيمي رقم 27.11 . وهنا نجد أن المجلس الدستوري في إحدى قراراته( قرار رقم 571
بتاريخ 26
ماي 2004، منشور
بالجريدة الرسمية عدد
5224 بتاريخ 24 يونيو2004) يؤكد هذه السلطة قائلا :"يخول لرئيس مكتب التصويت وحده صلاحية إختيار أعضاء المكتب
من بين الناخبين غير المرشحين في حالة
تعذر حضور الأعضاء ونوابهم المعينين رسميا "
.
ثانيا، سلطة الضبط والتأكد من الهوية،
أي التحقق من وجود الناخب في لائحة
الناخبين ،مع التأكد من هويته . هكذا، نجد أن من مقتضيات المادة 77 من
القانون التنظيمي رقم 27.11 مايلي : " يأمر الرئيس بالتحقق
من وجود إسم الناخب في لائحة
الناخبين ومن هويته ." ثالثا،
سلطة فرض النظام داخل مكتب التصويت،
حيث أن رئيس مكتب التصويت يعتبر في هذا الصدد "ضابط" مكتب التصويت والمتحكم
الرئيسي في ما يدور بأرجاءه، خاصة على مستوى فرض النظام وسيادة الأمن . ومن ثم، ألزم المشرع
الناخب باحترام مجموعة من القواعد الضامنة لحسن سير الاقتراع داخل مكتب التصويت. فالمادة75 من القانون
التنظيمي رقم 27.11 تنص على مايلي :" يجب على الناخبين ألا يهتموا في
مكاتب التصويت ، إلا بالإدلاء بأصواتهم ولا
يجوز لهم إثارة أي جدال أو نقاش، كيفما كان
نوعه" . كما أن المادة 50 من نفس القانون ، تؤكد على أنه : " يمنع إدخال
الهاتف النقال أو أي جهاز معلومياتي
أو أية وسيلة أخرى
للتصوير أو للإتصال
السمعي البصري إلى القاعة
المخصصة لمكتب التصويت
أوالمكتب
المركزي أولجنة الإحصاء
التابعة للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات
أو اللجنة
الوطنية للإحصاء. لا تطبق أحكام
الفقرة السابقة على رؤساء مكاتب
التصويت ورؤساء المكاتب
المركزية ورؤساء لجان
الإحصاء التابعة للعمالات والأقاليم
وعمالات المقاطعات ورئيس
اللجنة الوطنية للإحصاء، وكذا
الأشخاص المرخص لهم من
لدن رئيس
المكتب أو اللجنة المعنية ".
رابعا
سلطة اختيار الفاحصين،
وتلقي انتدابهم من طرف المرشحين، أثناء فرز الأصوات، تنص المادة 78 من القانون التنظيمي رقم
27.11 ، على أنه" يساعد رئيس مكتب
التصويت عدة فاحصين، يحسنون القراءة والكتابة، يختارهم من بين
الناخبين الحاضرين غير المترشحين، ويوزعهم
على عدة طاولات، يجلس
حول كل منها أربعة فاحصين.
ويسمح للمترشحين بتعيين
فاحصين يجب توزيعهم بالتساوي
على مختلف طاولات الفرز بقدر الإمكان
. وفي هذه الحالة ، يجب أن يسلم
المرشحون أسماء الفاحصين الذين
يقترحونهم إلى رئيس مكتب التصويت
قبل إختتام الاقتراع بساعة
على الأقل".
خامسا، سلطة إعلان النتائج،
فمن مقتضيات المادة 78 من القانون التنظيمي رقم
27.11 نجد مايلي :" يقوم رئيس مكتب التصويت
بإعلان نتيجة المكتب
بمجرد إنتهاء عملية فرز
الأصوات وإحصائها". وبالتالي، فهو المخول قانونا
بإعلان النتيجة على مستوى مكتب التصويت التابع له. أما فيما يخص الجانب الثاني، فإن المبادئ الموطدة
لحكامة العملية الانتخابية، والمرتبطة بصلاحيات رئيس مكتب
التصويت، تتجلى كما يلي :
أولا،
الشفافية، وهو ما يبرز في
المادة 76
من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والتي تنص على مايلي :"
يقوم رئيس مكتب
التصويت بإحصاء أوراق
التصويت المسلمة له، قبل
الإعلان عن الشروع
في الاقتراع. يعاين رئيس مكتب التصويت في الساعة المحددة للشروع
في الاقتراع أمام الناخبين الحاضرين
أن الصندوق لا يحتوي على أية
ورقة، ثم يسده بقفلين
أو مغلاقين متباينين ، يحتفظ بأحد
مفتاحيهما ويسلم الآخر إلى عضو
مكتب التصويت الأكبر سنا" . ثانيا، الحرية
والنزاهة،
وهو ما يتجلى في بعض مقتضيات
المادة 77 من القانون التنظيمي رقم 27.11 ، " يأخذ الناخب
بنفسه من فوق طاولة معدة لهذا
الغرض ورقة تصويت واحدة
ويحرص رئيس مكتب التصويت على
إحترام هذا المقتضى...
يضع الرئيس على يد المصوت علامة
بمداد غير قابل للمحو بسرعة".
من جهة أخرى،
وإذا كان المشرع قد منح على ضوء هذه السلط أو الصلاحيات لرئيس المكتب مجموعة من الضمانات القانونية،
فقد فرض عليه في المقابل مجموعة من الواجبات ،من قبيل واجب إعداد نسخ من
المحضر. وهو المقتضى القانوني الذي تؤكد عليه الفقرة الأخيرة من المادة 80 من القانون التنظيمي رقم 27.11 :" يتم إعداد نسخ من
المحضر باستخدام أية
وسيلة متوفرة، في عدد
يعادل عدد لوائح الترشيح
أو عدد المترشحين لتسلم فورا
إلى ممثل كل لائحة أو كل مترشح . وترقم كل نسخة،
ويوقع عليها حسب الحالة رئيس وأعضاء مكتب التصويت
أو المكتب المركزي أو لجنة الإحصاء
التابعة للعمالة أوالإقليم
أو
عمالة
المقاطعات أو اللجنة الوطنية للإحصاء. وتكون
لنسخ المحضر هذه
نفس حجية نظائره
الأصلية ". وفي حالة الإخلال بهذا المقتضى، فإنه قد تم التنصيص على جزاءه في المادة
57 من القانون التنظيمي رقم 27.11 :" يعاقب بالحبس
من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 1.200
إلى 5.000 درهم كل رئيس
مكتب التصويت إمتنع عن
تسليم نسخة من محضر
العمليات الانتخابية لممثل لائحة
ترشيح أو مترشح
منتدب طبقا لأحكام المادة 74 من هذا القانون التنظيمي
كان حاضرا بقاعة التصويت
ساعة إعداد نسخ المحضر
وتسليمها ". كما أنه، وفي مقابل هذه الواجبات ونظرا لجسامة المسؤولية الملقاة
على عاتق رئيس مكتب التصويت، فقد وفر المشرع لهذا الأخير، العديد من
الضمانات القانونية لحمايته. فالمادة56 من القانون التنظيمي رقم 27.11 تنص على أنه
:" دون الإخلال
بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بالحبس
من ستة أشهر إلى سنة
وبغرامة من 15.000 إلى 50.000
درهم، الناخبون الذين
يرتكبون في حق رئيس
مكتب التصويت أو عضو من أعضاء
المكتب عملا من أعمال العنف أو يؤخرون
العمليات الانتخابية أو يحولون دون إجرائها باستعمال
الإعتداء والتهديد". هذا وإذا كان القانون
التنظيمي المتعلق بمجلس النواب لا ينص صراحة
على تجريم واقعة إهانة مكتب
التصويت أو عضو من أعضائه، فإن أحكام المادة 95
من القانون رقم 9.97 ،المتعلق بمدونة الانتخابات، كما وقع تغييره
و تتميمه، يمكن أن تطبق في هذا الصدد. حيث تنص على أنه يعتبر فعل إهانة مكتب
التصويت أو عضو من أعضائه جنحة يعاقب عليها " بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وبغرامة من 2000 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين
العقوبتين فقط". وبالتالي توفير الظروف المواتية والضمانات
الضرورية التي تحفز رئيس مكتب التصويت على القيام بمهامه أحسن قيام . عموما، تعتبر سلامة العملية الانتخابية
رهانا من رهانات تنظيم الدولة لانتخابات حرة
ونزيهة وشفافة، والتي كما أكدت مقتضيات الفصل 11 من الدستور المغربي الحالي، على
كونها " هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي".
وهي السلامة، التي لا يمكن أن تتحقق إلا
بالتوفر على مكتب تصويت تتسم تركيبته وأداءاته بالنجاعة والكفاية
اللازمتين، بقيادة رئيس يحرص على جعل
الصلاحيات التي خولها إياه المشرع نبراسا
مضيئا ينير طريق العملية الانتخابية. ومن ثم ، جعل هذا الطريق سالكا نحو دروب الديمقراطية الحقة.
ليست هناك تعليقات