الحماية القانونية للأسر "ثبوت الزوجية نموذجا" المتابعة: سعيدة لوقاص الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على ...
الحماية القانونية للأسر "ثبوت الزوجية نموذجا"
المتابعة: سعيدة لوقاص
الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على
وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين طبقا لأحكام مدونة
الأسرة، كما أن القرأن الكريم ينص على ان الزواج هو ميثاق غليظ لذلك فان المشرع
المغربي أحاط رابطة الزواج بعناية خاصة، وجعلها أساس بناء الأسر والمجتمع على حدا
سواء.
ووضعت السنة النبوية شروط يتم بها الاعتراف
الشرعي بالزواج و تضمن بها حقوق الزوجين وخاصة منها الزوجة، فكان من الشروط
الأساسية لصحة الزواج، الإشهاد والإشهار بما يحقق اعتراف المجتمع بهذا الزواج و
على هذا سارت الأسر المسلمة لقرون .
ثم تغير الزمن و تغير الإنسان و ضعف تدين
الناس فظهرت مشاكل أسرية و ضاعت حقوق مما استدعى اعتراف أخر بالزواج و هو الاعتراف
القانوني من خلال عقد موثق , فمدونة الأسرة كانت موفقة عندما أشارت إلى الغايات و
الأهداف النبيلة المبتغاة من وراء هذا الارتباط المتين حين نصت في مادتها الرابعة
، أن الزواج ميثاق تراض و ترابط شرعي بين رجل و امرأة على وجه الدوام ،غايته
الإحصان و العفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين ، حماية للأطفال بإثبات نسبهم
لآبائهم من جهة ولضمان مستقبلهم بأخذ نصيبهم في التمدرس و الصحة وسائر مستلزمات
الحياة من جهة أخرى .
إذا كان المشرع نظم عقد الزواج تنظيما دقيقا
و اعتبر الكتابة هي الوسيلة الوحيدة المقبولة لإثبات الزواج حفاظا على الحقوق و
البيانات التي يتضمنها هذا العقد وهو ما أكدته الفقرة الأولى من المادة 16
باعتبارها أن وثيقة عقد الزواج هي الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج .
إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته،
تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة.
هكذا فالمساطر القانونية الآن فتحت الباب
أمام من لم يسر هذا المسار القانوني لتدارك الأمر, ومنحهم فترة زمنية انتقالية لا
تتعدى عشر سنوات ابتداء من دخول القانون حيز التنفيذ هذا ما أكدته الفقرة الثالثة
من المادة 16من مدونة الأسرة، والتي تم تمديدها إلى خمسة عشر سنة.
فالممارسة العملية لثبوت الزوجية تبين على أن
ما يطلبه القاضي عند سماع دعوى الزوجية و التي يبقى البت فيها من صميم سلطته
التقديرية هي وجود العلاقة الزوجية بين الرجل و المرأة في إطار معاشرة زوجية و
استمرار هذه العلاقة , كما يأخذ بعين الاعتبار وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة و
شهادة الشهود بعد نفيهم موانع التجريح و أداء اليمين القانونية و علمهم بذلك
انطلاقا من شدة الاطلاع على الأحوال إضافة إلى ذلك فان وثائق الملف تتكون من شهادة
إدارية تفيد زواج الفاتحة , النسخة الكاملة , صورة لبطاقة التعريف الوطنية , شهادة
طبية , شهادة السكنى ,أما فيما يخص الأبناء فتلزم بالضرورة شهادة الحياة الفردية و
شهادة الولادة , شهادة عدم التسجيل بسجلات الحالة المدنية .
بغض النظر عن وثائق الملف فالأسئلة التي
يطرحها السادة القضاة لشهود تكون حول مدى معاينتهم توافد الرجل على بيت السيدة
واستمرارهم على هذا المنوال وتسمية الصداق و قراءة الفاتحة هذا في إطار مدونة الأسرة.
لكن صورة توافد الرجل على المرأة بشكل متكرر
دون وثيقة عقد الزواج فإن بمقتضى هذه العلاقة الغير موثقة جاء القانون الجنائي
واضحا بهذا الخصوص بأحكامه في الفصل 490 منه وهي جريمة الفساد أي وجود علاقة بين
رجل و امرأة خارج إطار العلاقة الزوجية فالقانون الجنائي لا يعترف بهذه العلاقة
إلا بوجود عقد الزواج.
ما نلاحظه هو وجود ترسانة قانونية متناقضة بهذا الصدد أي عدم ملائمة
التشريعات التي تعالج بصفة عامة العلاقة الأسرية و أن المادة 16في فقرتها الأولى
أقرت على أن عقد الزواج هو الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج لكن من خلال الممارسة
العملية نلاحظ بأن الاستثناء الذي جاءت به نفس المادة في فقرتها الثالثة أصبح هو
الأصل كما أن الملفات المتوافدة على المحاكم تأتي بعد دخول مدونة الأسرة حيز
التنفيذ
وبهذا فالغرض الذي جاءت بصدده هذه الفقرة لم
يعالج بعد إذ تنهمك المحاكم في تصفية الملفات الجديدة و ليست الملفات التي كانت
قبل دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ .
إضافة إلى ذلك فالمادة 16 فتحت المجال
لمجموعة من التحايلات فهذا الفصل كان منفذ و مدخل لمجموعة من الخروقات كاللجوء
لمسطرة ثبوت الزوجية بدلا من مسطرة التعدد و مسطرة تزويج القاصرات .
وفي الختام ألا يحق لنا بعد كل هذه المعطيات
أن نتساءل مرة أخرى إلى متى سيستمر مسلسل هذه التحايلات و التمديدات ما داما أن
الغرض الذي جاء من أجله هذا الفصل لم و لن
يعالج ؟؟
بقلم : سعيدة لوكاس , طالبة بسلك الإجازة بجامعة
ابن زهر أكادير.
&
انظر المادة 4 من مدونة الأسرة , و المادة 16 من
نفس المدونة.
& المادة 490 من
القانون الجنائي.
& يراجع بهذا الخصوص:
الشرقي حراث" الدليل العملي لإجراءات التقاضي أمام المحاكم" ط1الرباط
2016 صفحة 79.
& المصطفى صفر " القانون وحده لا يكفي للإجبار على توثيق الزواج" مقال
نشر في الصباح 08_02_2011 .
& عبد الصادق مهلاوي: " الإثبات
الاستثنائي لعقد الزواج" م س ص103
ليست هناك تعليقات