"تعيين و إعفاء رئيس الحكومة بالمغرب في ضوء دستور 2011" موضوع لقاء أكاديمي بمدينة الحسيمة منظم من طرف مركز الدراسات القانونية ...
"تعيين و إعفاء رئيس الحكومة بالمغرب في ضوء دستور 2011" موضوع لقاء أكاديمي بمدينة
الحسيمة منظم من طرف مركز الدراسات القانونية والاجتماعية
تقرير من انجاز :مركز الدراسات القانونية والاجتماعية
في إطار أنشطته الدورية ومواكبته للمستجدات القانونية التي تعرفها الساحة الوطنية، نظم مركز الدراسات القانونية والاجتماعية بمقر جماعة الحسيمة يومه الجمعة 24 مارس 2017 مائدة مستديرة تفاعلية في موضوع: «تعيين وإعفاء رئيس الحكومة بالمغرب على ضوء دستور 2011»، وقد أطر هذا اللقاء نخبة من الأساتذة الباحثين والمتخصصين.
في بداية المائدة
المستديرة، ألقى السيد رئيس الجلسة ورئيس المركز د.محمد أمزيان كلمة ترحيبية، نوه
من خلالها، بالحضور الوازن الذي أثث هذا الملتقى العلمي، كما ذكر بالسياق الذي
استدعى تنظيم هذه المائدة، و المتجلية من جهة أولى، في تخليد الذكرى السنوية الأولى
لتأسيس المركز، و من جهة ثانية في رغبة المركز مواكبة المستجدات الآنية التي تحفل
بها الساحة القانونية التي طغى عليها مؤخرا الجدل القانوني والدستوري و الفقهي
الذي أثارته مسألة إعفاء رئيس الحكومة المكلف السيد عبد الإله بنكيران، مشيرا إلى
أن هذا الحدث استأثر باهتمام الرأي العام، لاسيما في أوساط الفقه المهتم بالقانون
الدستوري.
تحت عنوان: "التطور
الدستوري والسياسي للعلاقة العضوية بين قطبي السلطة التنفيذية: قراءة في مسطرة
إعفاء وتعيين الملك لرئيس الحكومة" استهل الأستاذ أحمد أعراب الباحث المتخصص
في القانون الدستوري والعلوم السياسية أولى مداخلات المشاركين في المائدة
المستديرة التفاعلية. وبعد أن ذكر براهنية الموضوع، استعرض الباحث التطور التاريخي
للعلاقة العضوية بين قطبي السلطة التنفيذية (الملك ورئيس الحكومة) من حيث التعيين
و الإعفاء، تطور اعتبره الباحث أنه قد انتقل من الحرية الملكية المطلقة إلى مرحلة
التقييد والتقنين التي أسس لها دستور 2011. أشار الباحث بعد ذلك إلى أن الملك قد
احترم الدستور و المنهجية الديموقراطية في تعيين السيد عبد الإله بنكيران، كما أنه
لم يخرج عن هذا الاحترام ولا عن هذه المنهجية في مسألة إعفائه، بل اعتبر أن الملك
قد انتصر للمنطق الحقوقي والسياسي بهذا التدخل، وذلك باحترامه لنتائج الانتخابات
في تعيين خلفه وفي انتقائه لأقل الإمكانيات الدستورية كلفة على الوضع السياسي
المغربي.
أما في ما يخص الطريقة
التي أعفي بها السيد بنكيران، دعى الباحث إلى التفريق بين الوضع القانوني الذي
يحتله رئيس الحكومة المكلف/مشروع رئيس الحكومة، وذلك الذي يحتله رئيس حكومة تام
الأركان، إذ اعتبر أن الصفة الأخيرة لا يكسبها إلا بعد تشكيل فريقه الحكومي/بعد
التنصيب البرلماني، ليعتبر الباحث في الأخير أن إعفاء بنكيران ببلاغ لا يشوبه اي
عوار دستوري، إذ لا مجال للحديث عن مبدأ توازي الإجراءات إلا في حالة رئيس حكومة
مكتسب الصفة وليس مجرد مكلف.
أما الأستاذ محمد المرابطي
الناشط الحقوقي والعضو السابق باللجنة الجهوية لحقوق الانسان الناظور-الحسيمة، فقد
قارب الموضوع من وجهة نظر حقوقية، إذ تساءل
في مداخلته التي عنونها بــ: "إعفاء بنكيران وتعيين العثماني بين
مستجدات الدستور المغربي ومقتضيات حقوق الانسان" عن مدى وفاء مسألة إعفاء
بنكيران لقيم الدستور، وهل يصح الحديث أساسا، عن إعفاء في بلاغ الديوان الملكي، أم
أنه يستنتج ضمنا فقط من خلال الحديث عن تعيين رئيس حكومة جديد.
وخلص الباحث إلى أن الملك
لم يخالف المقتضى الحقوقي ولا الدستوري في إعفاء بنكيران، بداعي أننا أصبحنا أمام
ظروف استثنائية استدعت تدخل أعلى سلطة في البلاد. كما لم يفوت الناشط الإشارة إلى
السياق السياسي الذي أحاط بهذا الإعفاء و الذي لخصه في رغبة المؤسسة الملكية في توجيه
رسالة إلى حزب العدالة والتنمية لتعديل سلوكه السياسي وفق ميزان قوى جديد تميز
بخفوت دور الشارع.
في المداخلة الثالثة
المعنونة بـ "حدود الدستوري والسياسي في تعيين وإعفاء رئيس الحكومة
بالمغرب"، دعى الأستاذ محمد بنيوسف الباحث المتخصص ونائب رئيس المركز إلى
التعامل بكثير من الحذر في التعامل مع المفاهيم القانونية التي رافقت مسألة تعيين
وإعفاء بنكيران ( كالتعيين بظهير والإعفاء ببلاغ، ومدى صوابية الحديث عن إعفاء).
واعتبر الباحث أن الحديث عن مسألة إعفاء بنكيران يستدعي فك شفرات النصوص الدستورية
المؤطرة لهذه العملية كالفصلين 42 و 47 اللذان يتمتعان بقوة تأويلية كبيرة تسمح
بتدخل الملك، كما يستدعي تحديد الطبيعة القانونية لمركز رئيس الحكومة المكلف، إذ
اعتبر الكاتب أن هذين المعطيين هما الكفيلان بتفسير ما وقع يوم 15 مارس .
وبعدما أكد الباحث بأن
قرار الملك بإعفاء بنكيران قد أصاب الحقيقة الدستورية والقانونية على اعتبار الفشل
في تشكيلة الحكومة طيلة 5 أشهر و هو ما
يعتبر زمنا سياسيا مهدورا، إلا انه اعتبر أن البلاغ كان عليه أن يأخذ بعين
الاعتبار اللحظة السياسية، سواء من حيث الصياغة أو من حيث الجهة الموجه إليها، وذلك من خلال
التساؤل عن مدى ملاءمة أن تخاطب مؤسسة ملكية دستورية مؤسسة حزبية وتعنيها بخطاب
مباشر.كما أشار إلى الانحياز عن الصواب علاقة بالتوجه السياسي للمغرب وتطلعات
الشعب المغربي.
في المداخلة الأخيرة:
"قراءة في السلطة التقديرية للملك على ضوء الفصل 42 من الدستور" أثار
الأستاذ إبراهيم مومي الباحث المتخصص والمنسق المحلي لمنتدى حقوق الإنسان لشمال
المغرب فرع آيث بوعياش، مسألة المشروعية القانونية في قرار إعفاء بنكيران، معتبرا
البحث عن هذه المشروعية يستلزم استحضار مفهوم الدساتير الضمنية التي أطرت ولا زالت
تؤطر الحياة السياسية المغربية. إذ يرى الباحث أن السلطة التقديرية الواسعة التي
يتمتع بها الملك في تفسير تصرفاته القانونية لا تستمد من النصوص الحرفية للدستور،
و إنما من خلال الدساتير الضمنية سواء التي يؤسس لها الفصل 41 مصدر الدستور
الأميري المرتبط بإمارة المؤمنين، أو الدستور الملكي السيادي الوارد ضمنا في
الفصل42.
باستناده إلى الطابع التقديري
للسلطة الملكية التي طالما أكدت عليها في خطاباتها المتتالية، يستنتج الباحث أنه
لا مجال لمساءلة المؤسسة الملكية عن تصرفاتها القانونية سواء بالتعيين أو بالإعفاء،
وأنه بغير الاستناد إلى هذه النصوص الضمنية لا يمكن تفسير التدخلات الملكية
بالاستناد فقط إلى الظاهر من الدستور.
بعد انتهاء تدخلات
المشاركين، تفاعل الحضور بأسئلتهم المتنوعة مع المتدخلين، أسئلة تركزت معظمها حول
غموض الصياغة القانونية للنصوص الدستورية و ما تثيره من تأويلات متضاربة، وكذا
البحث عن الحلول القانونية الممكنة للخروج من مثل هذه الثغرات الواردة بالدستور.
وفي ختام المائدة
المستديرة، شكر السيد رئيس المركز المشاركين والحضور، متمنيا تكرار مثل هذه
المناسبات العلمية، ليتم بعد ذلك توزيع شواهد تقديرية على المشاركين وكذا أخذ صور
تذكارية توثق لهذا اللقاء العلمي.
ليست هناك تعليقات