Header Ads

عمر الشرقاوي يكتب........اقتراح دستوري لرئيس الحكومة


اقتراح دستوري لرئيس الحكومة


الدكتور عمر الشرقاوي: استاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس

لا أفهم لماذا لم تلجأ الحكومة والبرلمان إلى تحريك مسطرة التفويض التشريعي والعمل بآلية "مراسيم تدابير" الواردة في الفصل 70 من الدستور والتي من شأنها تيسير عمل الحكومة في مجال التشريع دون تعقيدات مسطرية بالنظر إلى الاحترازات الصحية المطبقة. كان من الأولى، بدل ان يتخذ البرلمان عن طريق قرارات لمكتبيه، اجراءات من شأنها طرح شكوك دستورية حول وظيفة التشريع سواء داخل اللجان او الجلسات العامة، وتجنبا لأي محاولة اعتداء من طرف قرارات مكتب مجلسي البرلمان على قواعد دستورية تسموها مكانة وتدرجا، مثل قرار انتداب الفرق والمجموعات لممثلين خلال الجلسات التشريعية وهو ما يمس صراحة بمقتضيات الفصل 60 من الدستور التي تجعل حق التصويت شخصي لا يمكن تفويضه او تعطيل ممارسته تحت اي ظرف من الظروف.
كان على الحكومة والبرلمان من باب احترام القيم الدستورية القائمة على التعاون والتوازن بين السلط، اللجوء إلى مسطرة التفويض التشريعي للحكومة كما ينص على ذلك الفصل 70 الذي يقول"...للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود، ولغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها. غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما".
فتنزيل مقضيات النص أعلاه والتشريع ب"مراسيم تدابير" لا يرتبط بطبيعة الظروف القائمة سواء استثنائية أم عادية، وهو على خلاف التشريع ب"مراسيم قوانين" التي تتم خلال الفترة الفاصلة بين الدورات طيقا للفصل 81 من الدستور، يشترط انعقاد البرلمان في دورته العادية ولا يسقط هذا الإذن إلا بشرط حل احد مجلسي البرلمان أو كلاهما بمبادرة من الملك أو رئيس الحكومة.
التشريع ب"مراسيم تدابير" أو ما ينعت بالتفويض التشريعي يشترط فقط، أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون يطلب من البرلمان نظرا للظروف الاستثنائية التي يمر منها المغرب وفي غياب وجود نصوص تشريعية تنظم وظيفة التشريع في زمن الأوبئة، واخذا بعين الاعتبار ضعف بنية التشريع الالكتروني، وتجنبا للتأويلات الدستورية الماسة بالسيادة البرلمانية، وحفاظا على الصحة العامة لأعضاء البرلمان وعدم تعريضها للخطر. فإن الحكومة تطلب تفويضا تشريعيا طيلة الدورة الربيعية لسن قوانين بموجب مراسيم لمواجهة التداعيات التي تفرضها جائحة كورونا.
وبهذا يمكن للحكومة أن تمارس الوظيفة التشريعية طيلة الدورة الربيعية على أن تعرض كل القوانين التي اتخذتها خلال هاته الفترة على البرلمان بعد انتهاء المهلة القانونية التي حددها قانون التفويض التشريعي. وبهذا تربح السلطات العامة احترام الوثيقة الدستورية ويمارس البرلمان سلطاته مكتملة غير منقوصة ويتفرغ لأداء دوره الكامل في الوظيفة الرقابية للجد من أي تغول للحكومة وفي المقابل يساعد هذا الاجراء السلطة التنفيذية في أداء دورها بشكل فعال وبوتيرة سريعة دون تعقيدات تشريعية ودون شكوك دستورية.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.