القاسم الانتخابي يحرك الركود السياسي بالمغرب

 القاسم الانتخابي يحرك الركود السياسي بالمغرب



يبدو أن الأحزاب السياسية بالمغرب مقبلة على صراع انتخابي سابق لأوانه، خصوصا بعد تصاعد النقاش بينها بشأن راهنية تعديل المنظومة القانونية المتعلقة بالعملية الانتخابية حيث يأتي على رأس هذه الإجراءات المزمع إعادة النظر فيها، القاسم الانتخابي والاقتراع باللائحة أو الاقتراع الفردي، لما لهذا التعديل من تأثير مباشر على نتائج الانتخابات المزمع إجراؤها العام المقبل (2021) خصوصا بعدما كان اعتماد التمثيل النسبي على أساس الاقتراع باللائحة في الانتخابات البرلمانية التي تم إجراؤها عامي 2011 و 2016قد ساهم في فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة الحكومة خلال ولايتين متتاليتين، الأمر الذي يعتبر الحزب استهدافا مباشرا لتجربته في حالة تغيير القاسم الانتخابي واعتماد القاسم بناء على عدد المسجلين عوض الأصوات المعبر عنها، لا سيما في ظل بسب المشاركة الضعيفة التي تعرفها الانتخابات التشريعية، بينما يشارك المناضلون والمتعاطفون مع حزب العدالة والتنمية بكثافة في الاستحقاقات الانتخابية وهو ما يجسده اكتساح هذا الحزب لعدد من المدن الكبرى كطنجة ومراكش والدار البيضاء ومكناس وفاس.

وأمام هذه الوضعية غير المتوازنة والخوف من عدم التموقع الإيجابي في الانتخابات المقبلة مع ضعف مشاركة المواطنين، تحاول بعض الأحزاب السياسية المغربية، تغيير قواعد احتساب القاسم الانتخابي والذي سيساهم بدوره في تغيير قواعد اللعبة السياسية، حيث سيتم توزيع المقاعد بالتساوي على اللوائح الثلاث الأولى دون أن يتمكن أي حزب من الحصول على مقعدين، وهو ما رفضه أكبر الأحزاب السياسية كالأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، بينما يجد هذا الاقتراح ضالته بالنسبة للأحزاب الصغرى او المتوسط التي تتلمس طريقها نحو قبة البرلمان ولما لا التموقع أكثر داخل الخريطة السياسية المغربية.

وعموما فالنقاش الدائر حول القاسم الانتخابي، ما هو الا زوبعة في فنجان ومجرد محاولة لتهريب النقاش الحقيقي المتعلق بتقييم تجربة ما بعد دستور 2011، لا سيما وأن هذه التجربة تميزت بتحولات عميقة ومكنت الأغلبية الحكومية من صلاحيات واسعة وأعطت للمعارضة أدوار مهمة في مراقبة وتقييم السياسات العمومية والعمل الحكومي بشكل عام، بل أن العديد من الأحزاب السياسية اذا لم نقول جل الأحزاب السياسية لم تقوم بتقييم برامجها والقيام بنقد ذاتي والمقارنة بين ما تحقق من برامجها الانتخابية وما كان يجب أن يتحقق، فبدون تقييم لهذه التجربة التي وصلت اليوم الى عقد من الزمان، فان النقاشات السياسية الضيقة حول القاسم الانتخابي ونمط الاقتراع ستظل نقاشات استهلاكية الهدف الأساسي منها ضمان التموقع الجيد ضمن الخارطة السياسية.

فالبرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، باعتباره الحزب الذي قاد التجربة الحكومية الحالية خلال ولايتين (2011-2021)، كان حافلا بمجموعة من المعطيات والأرقام التي تعاقد من خلالها مع المغاربة الذين منحوه على إثرها أصواتهم، بالإضافة الى مضامين البرامج الحكومية التي تعاقدت من خلالها الحكومة مع البرلمان ونالت ثقة البرلمان بناء على التصريح الحكومي الذي قدم الخطوط العريضة لهذه البرامج، لكن لا أحد يتساءل اليوم عما تحقق من هذه البرامج وما لم يتحقق ولماذا لم يتحقق؟

اننا اليوم بحاجة ماسة لنقد ذاتي حقيقي ولتغليب المصلحة العليا لهذا الوطن على المصالح السياسية الضيقة لبعض الأحزاب السياسية التي ما ان تحقق مرادها حتى تدخل في صمت طويل، ينتهي باستحقاق انتخابي جديد، فالخاسر الأكبر من هذه العملية ليست الأحزاب وانما هذا الوطن الذي يترنح بين رغبات زعماء هذه الأحزاب التي تتبارز فيما بينها لضمان تموقعها.

ليست هناك تعليقات