عدنان موعز يكتب عن العملية السياسية بمدينة طنجة ومفاتيح تلمس المشهد السياسي
هل تصبح مدينة طنجة ترمومتر اقتصادي وسياسي للمغرب؟
الصورة: عدنان موعز رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات في ابحاث التنمية المحلية
يبدو أن الأوراش التنموية التي عرفتها مدينة طنجة خلال العشر سنوات الأخيرة، أصبحت تلقي بظلالها على النقاش العمومي على الصعيدين الوطني والمحلي، حيث باتت المدينة تعتبر ترمومترا حقيقيا لجس النبض الشارع والفاعلين السياسيين والمدنيين على حد سواء، بل أن الكثيرون يعتبرون التموقع السياسي بهذه المدينة بمثابة مدخل مهم للتموقع على المستوى الوطني، وهو ما يفسر تصاعد النقاش احتدامه بين مجموعة من الفاعلين السياسين والمدنيين بهذه المدينة، حيث شهدت في السنوات الأخيرة تنظيم مجموعة من اللقاءات والندوات الفكرية والورشات العلمية، لا سيما منها المتعلقة بتقييم السياسات العومية.
عدنان موعز فاعل سياسي ووجه جمعوي معروف بالمدينة وأحد الباحثين في مجال التنمية المحلية، قدم في تدوينة له عبر شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، قراءة للعملية السياسية بمدينة طنجة، حيث أوضح أنه سواءا كنت من متابعي العمل السياسي، أو من الذين استقالوا من مهمة المشاركة السياسية ومتابعة وتقييم إفرازاتها، وجعلوا سلاحهم فقط الدعاء على كل السياسيين في الخفاء أو في العلن، فإن إفرازات العملية السياسية التي ستجري في الأشهر القادمة ستصيبك أثارها إن عاجلا أو آجلا.
كما أضاف أن تدبير الشأن العام المحلي وإن كان في غالبيته متحكم فيه من طرف السلطة الادارية المركزية في اطار اللاتركيز الإداري ، حيث يتم التحكم في تدبير المدن عبر مجموعة من القوانين والمساطر المعقدة والمتشابكة التي تجعل السلطات المحلية المتحكم الوحيد والأوحد في تدبير الشؤون المحلية، إلا أنه لازالت هناك مجموعة من الاختصاصات المحلية المسندة للمنتخبين المحليين التي تجعل من أدوارهم أدوارا مهمة في تدبير المدينة، وهو ما يشعل التنافس في كل استحقاق انتخابي، وأي محاولة لاستيضاح الصورة التي ستفرزها العملية الانتخابية المقبلة ، تدعونا للإجابة بداية على الأسئلة التالية :
1- نسبة المشاركة : حيث بلغت في الانتخابات
الجماعية لسنة 2015 ما يقارب 37.66% و%30 في الانتخابات التشريعية لسنة 2016.، وذلك في سياق
سياسي مفعم بأمال التغيير عكس ماهو حاصل اليوم . وتكمن أهمية نسبة المشاركة في عدد
الأصوات التي يجب تأمينها لبلوغ العتبة ، فكلما كانت نسبة المشاركة عالية تصبح
عملية تأمين الأصوات باعتماد المال الانتخابي صعبة المنال، في حين تستفيذ الاحزاب
ذات المرجعية (اليسارية سابقا والإسلامية حاليا ) من ارتفاع نسبة المشاركة. ويتوقع
في الظرفية الحالية حسب رأيي بعض تحليل مجموعة من المؤشرات ، أ لا تتجاوز نسبة
التصويت 25% بمدينة طنجة وذلك في أول تجربة ستعرف تجميع الانتخابات الجماعية
والتشريعية بيوم واحد.
2. دور الأعيان في العملية الانتخابية : يشكل
الأعيان علامة بارزة في الانتخابات المغربية منذ سبعينات القرن الماضي، حيث يعمدون
إلى ولوج المجالس المنتخبة لضمان مصالحهم المختلفة، ويعمد بعض الأعيان إلى دعم
مقربين منهم والمنتخبون الأحرار بالمال والنفوذ من أجل الفوز بالانتخابات، وأينما
رحل وارتحل الأعيان تتقوى الأحزاب أو تنهار ، فأحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع
الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، استفادت بمدينة طنجة سابقا من دعم أعيان العقار
والمقاولات الصناعبة والخدماتية والصيد البحري ، فنزول الأعيان ومن يختارونه ضيوفا
على أي حزب ، يجعل الحزب يتقوى و يصبح مرشحا انتخابيا ويحسب له ألف حساب
.
3. المنتخبون الأحرار : تعرف طنجة؛ كما مدن
المغرب الأخرى، ظاهرة المنتخبون محترفي الانتخابات، وهم أشخاص يمتلكون شبكة من
العلاقات مع المواطنين ومجموعة من المؤثرين بالأحياء ، يعقدون صفات إنتخابية مع
الاحزاب والاعيان من أجل ضمان الحصول على خدماتهم حينما يصلون الى مواقع القرار.
فمن مسلمات العمل الانتخابي، أن المال مهم ولكن الاهم الأشخاص ذوي الثقة الذين
يحسنون توزيع المال بحرفية ونجاعة تمكن من الحصول على الأصوات المطلوبة. فحركية
هؤلاء مؤشر على انتقال القوة الإنتخابية بين الاحزاب المتنافسة بمدينة طنجة.
4. دور الإدارة : لاتزال الادارة الفاعل الرئيسي
في العملية السياسية والإنتخابية منذ الإستقلال ، فاختصاصاتها في الإشراف على
المجالس المنتخبة و العملية الانتخابية والسياسية ، يجعلها اللاعب الرئيسي في
العملية ، تميل الكفة إلى الجهات التي تحصل على رضاها ، و تنتصب عراقيل عدة
بالنسبة لمن تنظر إليهم الإدارة بأعين الريبة وعدم الارتياح لمشاريعهم السياسية .
ويعتبر أعوان السلطة من المقدمين والشيوخ كذلك أشخاص إنتخابين بإمتياز بحكم خدمات
القرب التي يقدمونها ، خاصة للفئات المحتاجة والهشة بالأحياء الشعبية
.
5. الأحزاب التقليدية وذات المرجعية
الإسلامية : في ظل محدودية النتائج المسجلة في الإنتخابات السابقة والحركية
السياسية المسجلة لأحزاب الإتحاد الاشتراكي وحزب الإستقلال والتقدم والإشتراكية
والحركة الشعبية بمدينة طنجة فان أدوارهم ستبقى جد محدودة في رسم الصورة المقبلة
للمشهد السياسي بالمدينة ، فيما سيبقى حزب العدالة والتنمية الفاعل الأساس الذي
سيوجه له الاهتمام، فهو المرشح الاوفر حظا لتصدر الانتخابات المقبلة بالنظر الى
نتائجه السابقة وقوته التنظيمية ، إلا أن هاته الصدارة تعيقها صعاب عدة ، بعد
الانتكاسات المتوالية التي شهدها الحزب والتي أدت الى فقدان العديد من الأسماء المؤسسة
للحزب وأخرى قادت التخصصات التي أحدثها الحزب لتشكل خزان أصواته الانتخابية ، و
أيضا فقدان أصوات العديد من المتعاطفين معه، إما لأسباب تتعلق بتدبيره للمدتين
الانتدابيتين السابقتين للحكومة أو بسبب مساندته لمواقف سياسية للدولة اتجاه بعض
النقاط التي تخالف عقيدة أعضاء الحزب ومتعاطفيه ، خصوصا في مسألة التطبيع مع
الكيان الصهيوني .
إن تلمس أجوبة على المفاتيح التي تم طرحها ستجعلنا نتلمس
صورة المشهد السياسي المحلي في الفترة المقبلة ، والذي لن تخرج ملامحه عن
سيناريوهات محدودة تتمثل في :
السيناريو الاول : فوز حزب العدالة والتنمية بأكبر نسبة
من المقاعد في الانتخابات الجماعية ، و تشكيل تحالف مع الاحزاب التي ستحصل على
أعلى النسب. وحسب التوقعات قد يكونا حزبا الاتحاد الدستوري والاصالة والمعاصرة،
فيما ستتموقع الاحزاب الاخرى في المعارضة او تساهم بشكل صوري في التحالف عبر لجان
المجلس والمقاطعات حيث سيعمل التحالف على تفويت مناصب صورية لتقليص أي دور محتمل
للمعارضة.
السيناريو الثاني : انتكاسة العدالة والتنمية على
المستوى المحلي واحتلال حزب آخر الصدارة، والتوقعات تشير لقوة مفترضة لحزب الاتحاد
الدستوري في الانتخابات المقبلة ، حيث سيعمل على التحالف مع حزب العدالة والتنمية
لضمان استقرار في تدبيره لجماعة طنجة، خصوصا أن حزب العدالة والتنمية أصبحت له
دراية تدبيرية بأهم الملفات بالجماعة وسيكون معارض حقيقي اذا ما تم زجه في
المعارضة .
السيناريو الثالث : انتكاسة حزب العدالة والتنمية وطنيا
بالإنتخابات التشريعية ، وبدأ مرحلة عزل الحزب من طرف الادارة وتقليص حضوره في
المشهد السياسي المغربي وطنيا ومحليا ، حيث سيتم عقد التحالفات المحلية بدون حزب
العدالة والتنمية ، حيث سيتم تجميع كل الاحزاب في مقابل حزب العدالة والتنمية الذي
سيضطر للعب دور المعارضة .
هي سيناريوهات ستتغير حتما حسب التغيرات التي ستعرفها مفاتيح العملية الانتخابية التي تمت الاشارة إليها،لتشكل المشهد السياسي بمدينة طنجة في الفترة المقبلة.
Post a Comment