الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أم الأشخاص المعاقين؟ لا شك أن الكثير منا سمع مصطلح “ذوي الاحتياجات الخاصة”، وبمجرد سماع هذه العبارة يذهب ب...
الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أم الأشخاص المعاقين؟
لا شك أن الكثير منا سمع مصطلح “ذوي الاحتياجات الخاصة”،
وبمجرد سماع هذه العبارة يذهب بنا التفكير الى فئة مهمة في مجتمعنا، وهم فئة ذوي
الإعاقة، معتقدين بأن هذا المصطلح يشملهم وحدهم وأن ذوي الاحتياجات الخاصة هم
أنفسهم ذوي الاعاقة، مما يسقط الكثيرون في انزلاقات لغوية ومفاهيمية يكون لها
انعكاسات سلبية، خصوصا أن البعض
يعتبر أن الاحتياجات الخاصة مرادف للإعاقة، والبعض يعتبر
الاحتياجات الخاصة هي تسمية أفضل ترتقي بكرامة للأشخاص المعنيين بالإعاقة.
مناسبة هذا الطرح، هو المصادقة اليوم الخميس 6 أكتوبر
على مشروع مرسوم بمراجعة اختصاصات وتنظيم وزارة العدل، وتم التنصيص في المشروع على
وضع وتنفيذ استراتيجية للنهوض بوضعية المرأة والطفل والفئات ذوي الاحتياجات الخاصة.
تعد اليونسكو أول هيئة طرحت مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة
في أواخر الثمانينيات، أساسا في المجال التربوي، ويشمل الأطفال في وضعية إعاقة ،
والأأطفال المتخلى عنهم ، وضحايا الحروب، والأقليات العرقية المضطهدة، والأطفال في
وضعية الشارع ، وحتى الأطفال الموهوبين surdoués / précoces ،
اعتبرت فئة مشمولة بالتسمية . إذن المجال الاصطلاحي للاحتياجات الخاصة يتسع ليشمل فئات متعددة ومتنوعة.
وتجدر الإشارة أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، أول
وثيقة رسمية في المغرب استعملت مصطلح ذوي الحاجات الخاصة سنة 2000
.
لكن ابتداء من سنة 2006 ، سيحدث تطور نوعي على المستوى
الدولي، حيث طالبت مختلف التنظيمات الممثلة للأشخاص في وضعية إعاقة ، بما يسمى
منظورية الإعاقة ، visibilité،
أي أن تكون الإعاقة مرئية وواضحة في السياسات والبرامج من جهة ، مع الحفاظ على
التسمية أي الإعاقة كفئة، وهو ما توج بإصدار الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي
الإعاقة، والتي بالمناسبة صادق عليها المغرب سنة 2009 بدون تسجيل أي تحفظ.
سنة 2011 ، ميز الدستور في الفصل 34 بين الاحتياجات
الخاصة والإعاقة، وهكذا حدد ذوي الاحتياجات الخاصة كمجموعة تشمل
: النساء والأمهات والأطفال والمسنين في وضعية هشة،
والأشخاص في وضعية إعاقة .
سنة 2016 ، سيتكرس مفهوم الإعاقة بشكل منظوري أكثر ، حيث
عرف القانون الإطار 97.13 لحماية حقوق الأشخاص والنهوض بها ، الإعاقة بالتسمية
وكمفهوم وفق النموذج التفاعلي .
القانون الإطار 51.17 للتربية والتكوين والبحث العلمي ،
عرف في المادة 2 منه فئة ما سماها الأشخاص في وضعية خاصة وميزها عن الأشخاص في
وضعية إعاقة ، وهي فئة تشمل تحديدا الأطفال المتخلى عنهم أو في وضعية غير مستقرة
أو في وضعية احتياج، المقيمون بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، والأطفال المقيمون
بالمراكز والمؤسسات المستقبلة للأحداث الجانحين، وأبناء الأجانب الوافدين
الموجودين في وضعية صعبة.
الخلاصة من كل ما سبق، أن ذوي الاحتياجات الخاصة مجموعة
واسعة من الفئات، ومن ضمنها فئة الأشخاص في وضعية إعاقة
.
ورجوعا إلى مشروع المرسوم الذي تمت المصادقة عليه اليوم
، والذي ينص على أن تضع وزارة العدل استراتيجية للنهوض بوضعية المرأة والأطفال و
الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ، لتيسير الولوج إلى العدالة ، ما يهم اساسا ان من
أهم القضايا ذات الأولوية والتي لم يتم معالجتها على مستوى القطاعات المعنية
بالإعاقة ، ما يتعلق بموضوع الأهلية القانونية capacité juridique ، ولاسيما تحديدا أهلية التصرف/
الأداء، للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية أو الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد ، أو
الأشخاص المكفوفين .
ذلك أنه وبالرغم من استكمال الأشخاص في وضعية إعاقة لمساراتهم
التعليمية والتكوينية يصطدم العديد منهم بنصوص غير ملائمة، تجعلهم يعيشون وضعيات
صعبة عند إقدامهم على إبرام عقود والتزامات أو فتح حسابات بنكية أو مشروع زواج ،
وبالتالي يعتبر أول ورش يجب فتحه بتفكير رصين متعدد التخصصات هو على مستوى ملاءمة
harmonisation مدونة الأسرة وقانون الالتزامات والعقود code des obligation et contrats وذلك بغرض التدقيق
والمعيرة وطرح البدائل المؤسساتية الممكنة على ضوء الممارسات الفضلى
.
والإشارة، سبق أن كان موضوع الأهلية القانونية أحد الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الأشخاص في ذوي الإعاقة، وذلك بمناسبة مناقشة التقرير الاولي للمغرب سنة 2017، كما أن نفس اللجنة أصدرت تعليقها العام observation générale حول الاعتراف بالأهلية القانونية وقدمت بشأنه مجموعة من المعايير و الممارسات الفضلى، وميزت بين الوصاية tutelle والقوامة curatelle، والفرق بين الاستقلالية بالذات والرعاية الذاتية.
ليست هناك تعليقات