الخطوات والمراحل الأساسية لبداية مشروع ناجح

 الخطوات والمراحل الأساسية لبداية مشروع ناجح


تقديم:

لا شك أن هناك تحولات عميقة في تعاطي شباب اليوم مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بفضل الثورة الرقمية التي عرفها العالم خلال القرن الحالي، فبعدما كان الشباب يبحثون بشكل مستمر عن فرص الشغل بأحد القطاعين العام أو الخاص، أصبح تفكيرهم اليوم منصب حول تحقيق مزيد من الاستقلالية وفرض الذات في ظل الإمكانيات التكنولوجية والتقنية الهائلة التي وفرتها الثورة الرقمية، فبات أغلبهم يميل لإنجاز مشاريع ذاتية لتحسين دخلهم وادماجهم في النسيج السوسيو اقتصادي.

لذا سنحاول من خلال هذه المقالة، تقديم مجموعة من النصائح والارشادات التقنية، المالية والتجارية لفائدة الشباب الراغبين في انجاز مشاريعهم وضمان استمراريتها ونجاحها، حيث أن أغلب الشباب يرغبون في انجاز مشاريع ناجحة دون أخذ أسباب النجاح بعين الاعتبار، الأمر الذي قد يعرض مشاريعهم لمخاطر ومطبات مختلفة.

وعليه سنعرض لكم المراحل الأساسية والضرورية لإنجاز مشاريعكم، بداية من السؤال الكلاسيكي المتمثل في "كيف انجز مشروع ناجح وما هي مراحل ذلك"؟

1-    ما هي مراحل انجاز مشروع ناجح؟

ان أكثر الأسئلة الحاحا من طرف الشباب خلال السنوات الأخيرة، تتمحور حول الخطوات والمراحل الأساسية، لبناء مشروع تتوفر فيه مواصفات النجاح وقابلية التطور وتحقيق مداخل مهمة، حيث تختلف هذه الأسئلة باختلاف مجالات هذه المشاريع ومستويات التكوين والتجربة التي يتوفر عليها كل شاب وشابة، بالإضافة الى الظروف والفرص المتوفرة في كل منطقة على حدة، فطبيعة المشروع وأهدافه ومكوناته وعائداته بمدينة الدار البيضاء ليست هي نفسها بالنسبة لمدينة أخرى كسيدي قاسم أو مكناس أو طنجة أو غيرها من المدن الأخرى، لذلك فالشباب مطالبون بالتفكير أكثر والتدقيق في فكرة المشروع ومدى ملائمتها للمحيط والمكان المراد إنجاز المشروع فيه، بينما هناك مشاريع أخرى غير مقيدة بهذه العوامل، خصوصا المشاريع الرقمية التي لا تعتمد بشكل أساسي على مكان الإنجاز، بقدر ما تعتمد على مهارات وتقنيات خاصة لتطويرها.

2-    تحديد فكرة المشروع

العديد من الشباب يعتمدون انطلاقة خاطئة، حيث ينظرون لنجاحات ومشاريع شباب أخرين على انها قاعدة ستسمح لهم أيضا بالنجاح، وهذا الأمر خاطئ ولا أساس له من الصحة، بل على العكس من ذلك تماما، فالنظر الى تجربة صديقك أو جارك او أحد معارفك على أساس أنها مؤشر نجاح، تكون بذلك قد حكمت على نفسك بالفشل.

إذا كيف أحدد فكرة المشروع؟

تحديد فكرة المشروع ينطلق من محورين أساسين، أولهما تكوينك الدراسي وثانهما تجربتك المهنية، فهذه الأخيرة تعد شرطا أساسيا لخوضك غمار المقاولة، فخوض غمار المقاولة دون تجربة في المجال، قد يعرضك لمخاطر ومشاكل كبيرة ونسبة نجاحك تظل ضعيفة، بينما احتمال مواجهتك لمشاكل ومتاعب تظل كبيرة.

مثلا: ان تدرس الكهرباء المنزلية وتخوض تجربة سنتين في المجال، سيؤهلك لإنجاز مشروع في مجال كهرباء المنازل، بينما لا يمكن لشاب أخر درس الشريعة أو القانون أن يقوم بإنجاز ورشة في مجال اصلاح كهرباء المنازل، فاذا غمر وانجز هذا المشروع في احتمال فشله كبير، حيث سيكون ملزم بتشغيل شاب اخر له دراية وتكوين في مجال الكهرباء، وبالتالي سيكون عليه تأدية راتب إضافي لهذا الشاب، رغم أنه في بداية مشروعه.

3-    نصائح وارشادات قبل الشروع في انجاز المشروع

هناك اقبال كبير على مجال المقاولة الخاصة، لذا سنعمل على  تقديم مجموعة من النصائح والخطوات الضرورية والاساسية لبداية مشروع ناجح وتطويره بشكل يسمح بولوج عالم المقاولة من بابها الواسع وتجنب الوقوع في أخطاء قاتلة، خصوصا في ظل الاقبال الكبير من طرف الشباب المغاربة خلال السنوات الأخيرة على انجاز مشاريع خاصة، نتيجة التحفيزات والبرامج التي أطلقتها الدولة في عدد من المجالات وفي مجموعة من الميادين ومن طرف قطاعات متعددة، حيث يفضل العديد من الشباب والشابات المغربيات، انجاز مشاريع شخصية لتحسين مستواهم المعيشي وخوض مغامرات في مجال المقاولة، لا سيما في ظل الدينامية الاقتصادية التي تعرفها بلادنا بفعل سياسية الأوراش الكبرى، حيث عرف النسيج المقاولاتي المغربي تطورات كبيرة  وأصبح يضاهي نظرائه في الدول الأوربية.

4-    التفكير في الخطوات الأساسية

إن بناء مشروع ناجح يعتمد على وجود أساس قوي يدعم جميع جوانب العمل، لا سيما ملائمة طبيعة تكوين الشخص وتجاربه لمجال وقطاع المشروع، حيث يتطلب الأمر فهمًا عميقًا لأساسيات المشروع واتخاذ الإجراءات الصحيحة من البداية، سواء كان المشروع في مجال تقديم الخدمات او في قطاعات إنتاجية مختلفة.

كما أننا لا نصح الشباب بإنجاز مشاريع بصفة مشتركة بين شابين او أكثر لاعتبارات ترتبط أساسا بطيعة تفكير الشباب وإمكانية نشوب خلافات وصراعات، ستساهم لا محالة في تعثر المشروع وعدم تحقيقه لأهداف، عكس الأشخاص الأخرين الذين يملكون تجارب سابقة والذين يمكنهم ابرام شراكات وإنجاز مشاريع بصفة مشتركة، كل حسب أهدافه واستراتيجيات تطوير مشاريعه وافكاره.

5-    تحديد أهداف المشروع

هناك أشخاص كثيرون يخلطون بين الأهداف الشخصية المتمثلة في الهروب من البطالة والبحث عن مصادر أموال دون التقيد بالعمل اليومي وبين أهداف المشروع التي يجب أن تبنى على قواعد وأسس قوية، لذلك فيجب على كل شاب وشابة أن يعمل على تحديد أهداف مشروعه بدقة ووضوح، وفهم المشكلة التي سيحلها المشروع والفوائد المالية والمعنوية التي سيحصل عليها صاحب المشروع وطبيعة الخدمة أو المنتوج وفرص تطوير المشروع.

فاختيار العمل في مجال الخياطة أو التكنولوجية أو التسويق الاليكتروني او التصميم او المونتاج، يرتبط أساسا بمؤهلاتك التقنية والمادية والتسويقية وخطتك لاستثمار الفرص المتوفرة وتطوير فكرتك لكسب مزيد من الثقة ومكانة في السوق.

7-إعداد خطة دقيقة للمشروع:

قم بإعداد خطة تقنية، مالية، تجارية مضبوطة:

عليك أولا تحديد المتطلبات التقنية لإنجاز المشروع، سواء كانت هذه المتطلبات عبارة عن تجهيزات او موارد بشرية أو محل او وسيلة نقل الى غيرها من الأمور التقنية التي ستشكل حجر الزاوية والعامل الأساسي لضمان نجاح مشروعك، حيث أن الدراسة التنقية الدقيقة ستساعدك على تحديد المبالغ المالية المطلوبة لإنجاز مشروعك أو تأجيل إنجازه حتى تتوفر هذه الإمكانيات وفق خطتك.

بناء على المتطلبات التقنية المذكورة أعلاه، وعلى التسلسل الزمني الذي وضعته لتنزيل مشروعك على ارض الواقع ومن خلال جردك للتجهيزات والاشغال المطلوبة لتنزيل المشروع، ستحدد الميزانية المتوقعة لإنجاز مشروعك مع إضافة هامش لمواجهة بعض المتغيرات التي قد تطرأ على المشروع.

فمثلا إذا كنت تريد انجاز مخبزة، عليك أولا البحث عن محل مناسب في موقع مناسب، وتحدد السومة الكرائية وحاجة المحل لإصلاح والتجهيزات الضرورية وعدد العمال الذين سيعملون في المخبزة، لأن كل هذه الأشياء تحتاج الى أموال، كما عليك أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار المدة الزمنية المطلوبة لانطلاقة المشروع، فصاحب المحل لن ينتظرك حتى تبدأ وسيطالبك في اليوم الأول بواجبات الكراء.

كما يجب عليك القيام بدراسة مالية دقيقة للمشروع وتحديد المبالغ المالية المطلوبة لإنجازه، حيث سيكون عليك تحديد المبلغ المالي المتوفر لك حاليا والمصادر المالية الأخرى التي ستعتمد عليها للتغطية المصاريف التي تحتاجها، وهل ستقترض من أسرتك او من البنك او ستدفع طلبك لأحد برامج التمويل للحصول على الفارق.

وفي هذا الصدد هناك عدة برامج لدعم مشاريع الشباب، يبقى أبرزها برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج فرصة وبرنامج انطلاقة.

وعموما في احتياجاتك المالية تختلف باختلاف المشروع، لنأخذ مثلا محل لصناعة وبيع الحلويات، فسيكون عليك أولا البحث عن محل مناسب، فاذا كان المحل محلك فستقتصد مبلغ الكراء، أما إذا كنت ستكتري المحل، فعليك اخذ ذلك بعين الاعتبار، بالإضافة الى المبلغ المطلوب لإصلاح المحل والحصول على الترخيص من قبل المصالح الجماعية.

الخطة الاشهارية:

عليك اخذ مسألة الاشهار بعين الاعتبار، والاستعانة بخبراء في مجال الاشهار حتى يصل مشروعك لفئة عريضة من الناس، فالإشهار أصبح اليوم ضروري في بنية المشاريع الجديدة، والقيام به يتطلب رصد مبالغ مالية مهمة.

كما عليك أيضا القيام بتجميع فريق مؤهل وملتزم بتنفيذ المشروع. حدد المهارات المطلوبة واختر أعضاء الفريق الذين يتمتعون بالخبرة والكفاءة المناسبة، وحذاري أن تفكر أنك باستطاعتك القيام بكل شيء وحدك.

8-    تنفيذ ومراقبة المشروع:

قم بتنفيذ المشروع ومراقبته باستمرار. تأكد من أن المهام تنفذ وفقًا للجدول الزمني والمواصفات المحددة. قم بتقييم التقدم المحقق وتعديل الخطة إذا لزم الأمر.

4-    إدارة المخاطر:

تعامل مع المخاطر المحتملة التي يمكن أن تؤثر على المشروع. قم بتحديدها وتقييمها وتطوير استراتيجيات للتعامل معها. اتخذ إجراءات وقائية للحد من تأثيرها وتفاديها.

5-     تقييم وتحسين:

بعد الانتهاء من المشروع، قم بتقييم النتائج وتحليل الأداء. احتفظ بسجلات المشروع واستخدمها كأساس لتحسين المشروعات المستقبلية.

خاتمة:

ان كل الإجراءات والتدابير التي ذكرنا في هذه المقالة تشكل نسبة مهمة لضمان نجاح المشروع، حيث يجب أخذها بعين الاعتبار والتدقيق في كل تفاصيلها وابعادها لضمان استمرارية المشروع ونجاحه، وتأكد أن الانطلاقة الصحيحة والقوية هي الأساس لنجاح أي مشروع.

ليست هناك تعليقات