الاطار العام للمالية العمومية في المغرب

 الاطار العام للمالية العمومية في المغرب

المالية العمومية في المغرب هي مجال القانون والاقتصاد الذي يهتم بدراسة الموارد المالية للدولة والجماعات الترابية (مثل الجهات والجماعات الترابية الأخرى)، وكيفية تعبئتها وتدبيرها لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتعلق المالية العمومية أيضًا بتحديد وتنظيم النفقات العامة التي تسعى إلى تلبية احتياجات المواطنين وتحقيق المصلحة العامة.

الاطار العام للمالية العمومية في المغرب

1-    البنية الاساسية للمالية العمومية في المغرب.

·       الميزانية العامة للدولة:

الميزانية هي وثيقة مالية تعبر عن خطة تقديرية لإيرادات ونفقات جهة معينة (الدولة، مؤسسة، أو فرد) خلال فترة زمنية محددة، وتغطي سنة مالية تبدأ في فاتح يناير وتنتهي في 31 دجنبر، وتهدف الميزانية إلى تحقيق التوازن بين الإيرادات (الموارد) والنفقات (المصروفات) لضمان استدامة الأنشطة وتحقيق الأهداف المحددة ضمن البرامج والسياسات المسطرة من قبل الجهات المعنية (الدولة، الجماعات الترابية، المؤسسات العمومية وكل مؤسسة عمومية او خاصة يتطلب تدبيرها اعداد ميزانية).

2-مالية الجماعات الترابية:

مالية الجماعات الترابية في المغرب تعبر عن الموارد المالية والنفقات التي تُخصص لتسيير وتطوير الجماعات الترابية (الجهات، العمالات والأقاليم، والجماعات) بهدف تحقيق التنمية المحلية وتقديم الخدمات العمومية للمواطنين.

تُعتبر مالية الجماعات الترابية جزءًا من المالية العمومية، وتخضع لإطار قانوني وتنظيمي محدد، خاصة بعد اعتماد القوانين التنظيمية للجماعات الترابية سنة 2015 (القانون التنظيمي رقم 111.14 للجهات، 112.14 للعمالات والأقاليم، و113.14 للجماعات)، وتهدف بشكل أساسي الى تنمية المجالات الترابية وتوفير البنية التحتية الأساسية كالطرق والماء والكهرباء وتحقيق العدالة المجالية والمساهمة في تقليص الفوارق بين المناطق الحضرية والقروية وتعزيز الخدمات الاجتماعية، كتحسين جودة التعليم، الصحة، والنقل العمومي على المستوى المحلي.

3-المؤسسات والمقاولات العمومية:

ميزانية المؤسسات والمقاولات العمومية هي الخطة المالية السنوية التي تُحدد الإيرادات والنفقات الخاصة بالمؤسسات والمقاولات المملوكة كليًا أو جزئيًا من قبل الدولة. تهدف هذه الميزانية إلى تحقيق التوازن المالي وضمان استدامة الأنشطة والخدمات التي تقدمها المؤسسات العمومية، سواء كانت خدمية أو إنتاجية.

تُعتبر المؤسسات والمقاولات العمومية جزءًا من المالية العمومية، حيث تساهم في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تقديم خدمات أساسية وإدارة مشاريع استراتيجية.

4- القانون التنظيمي للمالية (LOF):

القانون التنظيمي للمالية هو إطار قانوني أساسي يُحدد كيفية إعداد وتنفيذ ومراقبة الميزانية العامة للدولة في المغرب. يُعتبر القانون التنظيمي رقم 130.13 الذي دخل حيز التنفيذ عام 2015 أهم تحديث لهذا الإطار، حيث جاء استجابة لمتطلبات دستور 2011.

يمثل هذا القانون خطوة محورية لتعزيز الشفافية، المسؤولية، والنجاعة في تدبير المالية العمومية وتحقيق الاستدامة المالية وتعزيز دور البرلمان في تعزيز المراقبة المالية.

وهكذا تشكل المالية العمومية في المغرب إحدى الركائز الأساسية لضمان توازن الدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. من خلال إطارها القانوني والتنظيمي، بما في ذلك الدستور والقوانين التنظيمية مثل قانون المالية، تسعى الدولة إلى تعزيز الشفافية، النجاعة، والمساءلة في تدبير الموارد العامة. وتظل التحديات المتعلقة بضبط العجز المالي، تحسين حكامة الإنفاق العمومي، وضمان العدالة الاجتماعية والجهوية، من بين الأولويات التي يجب العمل عليها لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.

في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها المغرب، تبقى المالية العمومية أداة استراتيجية لتفعيل السياسات العمومية وتنفيذ البرامج التنموية الكبرى. ومع تطور الإطار القانوني، خصوصًا بعد دستور 2011، أصبح من الضروري اعتماد إصلاحات شاملة وتشاركية لضمان استخدام أمثل للموارد المالية وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات. بناءً على ذلك، فإن تحديث المالية العمومية يتطلب انخراطاً جماعياً بين مختلف الفاعلين لتحقيق أهداف وطنية تنموية وطموحة.


ليست هناك تعليقات