القانون الإطار المتعلق بالنهوض بالأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب

 القانون الإطار المتعلق بالنهوض بالأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب

القانون الإطار المتعلق بالنهوض بالأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب

في إطار تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وتحقيق إدماجهم الفعلي في المجتمع، أقر  المشرع المغربي القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، حيث يُعد هذا القانون محطة مفصلية في مسار تكريس حقوق هذه الفئة الاجتماعية ودعم ثقافة حقوق الانسان في المغرب، إذ يُترجم التزامات المملكة المغربية الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادق عليها المغرب سنة 2009.

1-    السياق العام للقانون الإطار:

يأتي القانون الإطار رقم 97.13 استجابة لعدة تحديات كانت تواجه الأشخاص في وضعية إعاقة، ومن بينها ضعف الولوج إلى الخدمات الأساسية، قلة فرص الإدماج في سوق العمل، وصعوبات في التعليم والصحة، ويهدف هذا القانون إلى تعزيز مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص عبر وضع إطار قانوني شامل يحمي حقوق هذه الفئة وينظم الخدمات الموجهة لها.

كما يُعبر القانون عن رؤية المغرب المتجددة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تُراعي احتياجات جميع الفئات، بما يتماشى مع دستور 2011، الذي أكد في ديباجته على الالتزام بحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والنهوض بها.

2-     أهداف القانون الإطار:

يسعى القانون الإطار إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، من أبرزها:

·       حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وضمان كرامتهم.

·       تيسير ولوجهم إلى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والنقل والشغل.

·       إرساء بيئة قانونية وتنظيمية تدعم استقلاليتهم وإدماجهم الاجتماعي والاقتصادي.

·       التصدي للتمييز ضد الأشخاص في وضعية إعاقة وتوفير فرص متكافئة للجميع.

3-  المحاور الرئيسية للقانون:

أ. التعريف بالإعاقة:

يُعرّف القانون الإطار الإعاقة على أنها كل قصور دائم أو مؤقت يمنع الشخص من ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي. ويُوسع التعريف ليشمل الإعاقات الجسدية، الحسية، العقلية، والنفسية.

ب. تدابير الحماية الاجتماعية:

يوفر القانون الإطار تدابير لضمان استفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من الحماية الاجتماعية، بما يشمل:

  • دعم مالي مباشر للفئات الأكثر هشاشة.
  • إعفاءات ضريبية للأسر التي تتكفل بأفراد في وضعية إعاقة.
  • توفير مساعدات تقنية لتحسين جودة حياتهم.

ج. الولوجية:

ينص القانون على إلزامية تكييف البنية التحتية والمرافق العمومية (كالمستشفيات، المدارس، وسائل النقل) لضمان ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة إليها بدون عوائق.

د. الحق في التعليم والتكوين المهني:

يشدد القانون الإطار على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم بجميع مستوياته، مع اتخاذ تدابير خاصة لتيسير ولوجهم إلى التكوين المهني وسوق الشغل، مثل:

  • تخصيص حصص للأشخاص في وضعية إعاقة في برامج التكوين.
  • تحفيز أرباب العمل على توظيفهم عبر حوافز مالية.

هـ. المشاركة السياسية والاجتماعية:

يُقر القانون الإطار بحق الأشخاص في وضعية إعاقة في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، مع العمل على تعزيز تمثيليتهم في الهيئات المنتخبة والمؤسسات العامة.

4-الآليات التنفيذية:

لتفعيل مقتضيات القانون الإطار، أُنشئت آليات متعددة، منها:

·         إحداث المجلس الاستشاري للأشخاص في وضعية إعاقة:
يُعد هيئة استشارية تُعنى بتقديم المشورة حول السياسات العمومية الموجهة لهذه الفئة.

·         وضع مخطط وطني للإدماج:
يهدف إلى تنسيق الجهود بين القطاعات الحكومية لضمان تنفيذ مقتضيات القانون بشكل فعال.

·         تخصيص ميزانيات لدعم السياسات الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة.

5- تحديات التنفيذ:

رغم أهمية القانون الإطار، إلا أن هناك تحديات تعترض تطبيقه على أرض الواقع، منها:

  • محدودية الموارد المالية والبشرية لتفعيل جميع التدابير المنصوص عليها.
  • ضعف التوعية بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، سواء لدى المجتمع أو المؤسسات.
  • الحاجة إلى تحسين التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية والجمعيات المعنية.

6- نحو مستقبل أفضل للأشخاص في وضعية إعاقة:

يشكل القانون الإطار رقم 97.13 خطوة مهمة نحو بناء مجتمع أكثر عدالة وشمولية، حيث تُحترم فيه كرامة الجميع وتُعطى فيه فرص متساوية لكل فرد. ومع ذلك، فإن تحقيق أهداف هذا القانون يتطلب تعبئة جماعية تشمل الدولة، المجتمع المدني، والقطاع الخاص لضمان تنزيل مقتضياته بفعالية وتحقيق أثر إيجابي ملموس على حياة الأشخاص في وضعية إعاقة.

ختامًا، يظل الرهان الأكبر هو تغيير العقليات وتعزيز ثقافة الاحترام والتضامن داخل المجتمع، بما يضمن إدماج هذه الفئة كشريك فعّال في التنمية.

ليست هناك تعليقات