المتابعون

Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

المتابعون

اخبار عاجلة

latest

{ads}

كيف يخطو المغرب خطواته الأولى في الاقتصاد الأخضر؟

كيف يخطو المغرب خطواته الأولى في الاقتصاد الأخضر؟ لمياء طريبق حاصلة على الدكتوراه في القانون العام جامعة عبد المالك السعدي كلية ...


كيف يخطو المغرب خطواته الأولى في الاقتصاد الأخضر؟
لمياء طريبق
حاصلة على الدكتوراه في القانون العام

جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية الإقصادية والإجتماعية بطنجة
يعد اقتصاد حماية البيئة أحدث فروع علم الاقتصاد، وقد انبثق من حقيقية أن حماية البيئة مشكلة اقتصادية في الأساس، وانتشر تحت مسمى الاقتصاد الأخضر مع تفجر أزمة الطاقة في السبعينات ليستقطب منذ ذلك الوقت اهتمام متزايد وسريع الانتشار في العالم كله[1]، على نحو لابد أن نتساءل معه عن كيفية تطبيقه في المغرب.
فالمغرب ليس استثناء وقد اعتبر الاقتصاد الأخضر فيه وسيلة  للتأقلم مع آثار التغيرات المناخية وفرصة للتخلص من إشكاليات استنزاف الموارد والتبعية الطاقية وعوائق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ورغم أن المختصين يرون أنه يملك من الإمكانيات ما يؤهله لخلق هذا النوع من الاقتصاد، كما أن فرص الاستثمار متوفرة خاصة في الطاقات المتجددة، إلا أن هناك غياب إلى حد ما لاستراتيجة واضحة لتحقيق ذلك مع أنه توجد استراتيجيات قطاعية طويلة الأمد ونصوص قانونية حديثة تصب في هذا الاتجاه.
لذا سنتناول موضوع هذا المقال ''كيف يخطو المغرب خطواته الأولى في الاقتصاد الأخضر'' من خلال تحديد مفهوم الاقتصاد الأخضر (المبحث الأول)، وكيف تم تكريسه في المغرب(المبحث الثاني).
المبحث الأول:  وصول مفهوم الاقتصاد الأخضر إلى  المغرب
الاقتصاد الأخضر مصطلح جديد، بدأ استخدامه في الأدبيات البيئية منذ أعوام قليلة لم يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، ولم يكن المغرب استثناء من ذلك فما هو هذا الاقتصاد؟ وماذا يعني نعته بالأخضر؟ (المطلب الأول)، وما هي أهم التوصيات التي دعت لتبنيه في المغرب؟. (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم الاقتصاد الأخضر
الاقتصاد الأخضر مصطلح ابتدعه برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP)) في عام2008 ، وتبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في يناير2009 ، عندما أصدرت قرارها بعقد مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة أو ما يعرف بمؤتمر )ريو+ 20 ) عام 2012 في ريو دي جانيرو وجعلت له عنوانا رئيسيا هو)الاقتصاد الأخضر)، ومنذ ذلك التاريخ حظي هذا الاصطلاح باهتمام البيئيين والسياسيين والاقتصاديين ورجالات الإعلام.
ويتكون مصطلح الاقتصاد الأخضر من منعوت ونعت، المنعوت هو الاقتصاد والنعت هو الأخضر، ويرمز اللون الأخضر إلى الممارسات الرحيمة بالبيئة، أو على الأقل الصديقة لها، أو التي لا ضرر منها ولا ضرار، ووصف الاقتصاد بأنه أخضر يعني أنه اقتصاد يراعي البيئة، ويحد من استنزاف مواردها، وهو مناقض للاقتصاد البني أو الاقتصاد الأسود، كما يطلق عليه أحيانا، الذي يقوم على استخدام الوقود الأحفوري مثل الفحم الحجري والبترول والغاز الطبيعي[2].
وثمة  تعاريف أخرى لمصطلح الاقتصاد الأخضر فقد عرف  بأنه "اقتصاد يستند إلى ستة قطاعات رئيسية هي: الطاقة المتجددة، والبناء الأخضر، ووسائل النقل النظيفة، وإدارة المياه، وإعادة تدوير المياه الثقيلة، وإدارة الأراضي"، وهو تعريففي وجهة نظرناغير مكتمل لأنه أغفل الهدف، وهو ما تدراكه تعريف آخر أكثر دقة وتفصيل، ربط  بين الاقتصاد والبيئة، ولم يغض الطرف عن الجانب البشري، حيث نص على أن الاقتصاد الأخضر هو "نموذج جديد من نماذج التنمية الاقتصادية السريعة النمو، الذي يقوم على الاقتصاديات البيئية التي تهدف إلى معالجة العلاقة المتبادلة بين الاقتصاديات الإنسانية والنظم البيئية الطبيعية، والأثر العكسي للأنشطة الإنسانية على التغير المناخي والاحتباس الحراري"[3] .
وهناك تعريف أكثر تفصيلا للاقتصاد الأخضر وهو "اقتصاد يتم فيه توجيه النمو وقوة العمل إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية والبشرية وتخفيض الانبعاثات والملوثات الضارة بالبيئة، والحيلولة دون حدوث خسائر في التنوع الأحيائي أو تدهور في النظم البيئية[4].
إلا أننا نفضل التركيز على مفهومه المبسط  كما عرفته منظمة الأمم المتحدة، بأنه الاقتصاد الذي يهدف إلى تحسين حياة الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية، والحد من المخاطر البيئية، وعدم استنزاف الموارد الطبيعية لضمان حقوق الأجيال القادمة، عبر تبني الطاقة الخضراء المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة، وخلق فرص العمل الخضراء والإنتاج الأخضر، الذي يشمل الزراعة العضوية والمنتجات العضوية والمتاجر الخضراء ومنع التلوث البيئي، والتقليل من مسببات الاحتباس الحراري، والحد من استنزاف الموارد الطبيعية والتدهور البيئي[5].

المطلب الثاني: توصيات لتبني الاقتصاد الأخضر في المغرب
 تبنى المجتمع المغربي مفهوم الاقتصاد الأخضر منذ تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي أصدر في فبراير2011[6]، والذي ركز على حتمية الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية لهذا الاقتصاد، والتي يمكن تلخيص أهمها كما يلي:
Ø    مواجهة التحديات البيئية: بوضع حد للتدهور البيئي الذي فرضته وتيرة الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة خلال العقود الماضية.[7]
Ø    تحفيز النمو الاقتصادي: ببناء نموذج جديد للتنمية الاقتصادية، يرتكز بالأساس على استثمارات خضراء كبيرة، في قطاعات مثل كفاءة الطاقة المتجدد، والبنى التحتية الخضراء وإدارة النفايات وغيرها[8].
Ø    القضاء على الفقر وخلق فرص العمل: قد يمنح التحول العالمي إلى اقتصاد اخضر، فرصا كبيرة لخلق أعداد كبيرة من" الوظائف الخضراء[9]" في مختلف القطاعات الاقتصادية، مثل الوظائف ذات الصلة بتوليد الطاقة المتجددة ، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وتأهيل وحماية النظام البيئي، والسياحة البيئية وإدارة النفايات..الخ[10]، وبالتالي يقدم هذا التحول حلولا للقضاء على البطالة وتحقيق دخل اكبر للسكان  وتخفيف من حدة الفقر.

وبعد إصدار المنتدى العربي للبيئة والتنمية تقريره السنوي للعام 2011 بعنوان ''الاقتصاد الأخضر في عالم عربي متغير''[11]، الذي طرح خيارات للتطور الاجتماعي والاقتصادي مع الحفاظ على التوازن الطبيعي واستدامة الموارد في العالم العربي، بخفض دعم أسعار الطاقة في البلدان العربية بنسبة  25% لتتحرر أكثر من 100  مليار دولار خلال مدة ثلاث سنوات  يمكن تحويلها لتمويل الانتقال إلى مصادر الطاقة الخضراء،  وبتخضير  50 % من قطاع النقل باستعمال النقل العام والسيارات الهجينة  تتولد وفورات مالية تقدر بنحو 23 مليار دولار سنويا،  وبإنفاق 100 مليار دولار بتخضير  20 % من الأبنية القائمة خلال السنين العشرة المقبلة  يتوقع خلق أربعة ملايين فرصة عمل، وبتعزيز كفاءة منظومات الري وترشيد استخدام المياه وزيادة نسبة مياه الصرف الصحي المعالجة التي يعاد استخدامها من 20 % إلى100 %  ستنخفض كلفة التدهور البيئي في البلدان العربية البالغة حاليا نحو  95 مليار دولار سنويا .
اعتمدته الهيئات الرسمية  في المغرب بدءا من اعتماد توصيات مؤتمر قمة الأرض  بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية للفترة من 20  إلى 22 حزيران 2012 بمشاركة قادة أكثر من 193 دولة أو من يمثلهم، والذي أكد أهمية الاقتصاد الأخضر في التنمية المستدامة، حيث جاء في الفقرة 56 من بيان القمة الختامي أن ''الاقتصاد الأخضر في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر هو من الأدوات الهامة المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة، وينبغي  للاقتصاد الأخضر أن يسهم في القضاء على الفقر، وفي تحقيق النمو الاقتصادي المطرد، وتعزيز الإندماج الاقتصادي، وتحسين رفاه الإنسان، وخلق فرص العمل وتوفير العمل اللائق للجميع''، وجاء في التوصية 58 أن ''يراعى في سياسات الاقتصاد الأخضر والقضاء على الفقر، أن تكون متسقة مع القانون الدولي، وأن تحترم السيادة الوطنية لكل بلد على موارده الطبيعية، وأن تكون مدعومة ببيئة مواتية ومؤسسات تؤدي وظائفها بشكل جيد على جميع المستويات، مع قيام الحكومات بدور قيادي ومشاركة جميع الأطراف المعنية بما في ذلك المجتمع المدني، وأن تعزز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع''.
وأقر المؤتمر بأنه ولأجل بناء نموذج اقتصاد أخضر فاعل لابد من التوجه نحو مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة المياه والرياح وطاقة حرارة جوف الأرض، والتقليل من مصادر الطاقة التقليدية، وترشيد استخدام المياه وتدويرها ومعالجة النفايات السامة، والإكثار من الزراعة العضوية، والعمل على الحد من آثار التصحر وانحسار البقع الزراعية  الخضراء،  والحد من التلوث الناجم من عوادم السيارات، وتشجيع وسائط النقل العام،  وهذا يتطلب بناء القدرات التقنية في مجالات الاقتصاد الأخضر في البلدان العربية وتبادل الخبرات فيما بينها، والاستفادة من خبرات البلدان المتقدمة في هذا المجال.
ولهذا الغرض اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي في تقريره السنوي سنة 2012 توصيات ميدانية وتدابير للوصول لاقتصاد أخضر تتناسب مع خصوصيات بلدنا، تتمحور حول ستة مرتكزات كبرى،هي الآتية:
Ø    تحديد إستراتيجية شاملة ونمط حوكمة فعلي، للانتقال إلى اقتصاد أخضر على الصعيدين الوطني والإقليمي، تعتمد إدماج مختلف الاستراتيجيات والبرامج القطاعية بوضع لجنة مركزية عليا للاقتصاد الأخضر مشتركة بين جميع الوزارات، يكون من مهماتها اقتراح التوجيهات الإستراتيجية، وضمان التتبع والتحسين المستمر لمختلف البرامج المعتمدة، وتقييم نتائجها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
Ø    ضمان اندماج صناعي فعلي وتنمية داعمة للمسالك الخضراء الوطنية، وذلك عبر إنجاز تحليل يمكن من تشخيص المسالك الصناعية الجديدة المتلائمة مع الإمكانات الطبيعية والبشرية للبلاد، ووضع مخطط لمشاريع تطوير المقاولات الصغرى والمتوسطة الوطنية في هذه الميادين، ويتعين كذلك إعطاء الأولوية للبرامج الوطنية الخاصة بتنمية الطاقات الشمسية والريحية ومعالجة مياه الصرف وتدبير النفايات الصلبة المنزلية.
Ø    وضع مخطط عمل، من أجل استباق الحاجات المستقبلية من الكفاءات التي تناسب البرنامج الوطني لتطوير مسالك صناعية خضراء، بتنسيق مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين والأكاديميين، مع الحرص على إدماج البعد الإقليمي، كما يتعين تشجيع مبادرات البحث العلمي والتطوير والابتكار التكنولوجي المنتج لبراءات الاختراع التي تشمل مجموع المسالك الصناعية للاقتصاد الأخضر، ومن جهة أخرى، فإن إدماج البعد البيئي في البرامج التربوية وفي التعليم بمختلف أسلاكه، سيمكن من تعزيز المواطنة البيئية وتكييف السلوكيات وأنماط الاستهلاك المستقبلية.
Ø    تفعيل الترسانة القانونية البيئية الموجودة بوضع وسائل للمراقبة والتتبع المناسبين.
Ø    تعزيز آليات التمويل العمومي  الخاص عبر صيغ تفضيلية لتخضير مختلف القطاعات الاقتصادية، خصوصاً بالنسبة إلى المقاولات الصغرى والمتوسطة، كما أن إدماج تقييم الأخطار البيئية والاجتماعية، في شروط منح القروض من المصارف، سيمكن من فرض القوانين والالتزامات البيئية والاجتماعية في المراحل الأولى لكل الاستثمارات[12].

المبحث الثاني: تكريس الاقتصاد الأخضر في المغرب
 اقتضى تحويل الدينامية الوطنية في اتجاه الاقتصاد الأخضر، تنزيلها من خلال استراتيجيات تحافظ على الرأسمال الطبيعي (المطلب الأول)، وقوانين تضمن أعلى مستوى من الانسجام (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الاقتصاد الأخضر في الاستراتجيات الوطنية
ساهمت الدينامية البيئية التي تم إطلاقها خلال السنين العشر الأخيرة في مختلف القطاعات الاقتصادية في ترجمت توصيات الاقتصاد الأخضر، عبر برنامج تفعيل الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، واستراتيجية تعبئة الموارد المائية وترشيد استعمال الماء في المجال الزراعي، وحماية الغابات والتنوع البيولوجي، ومخططات تنمية الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة، وتقوية معالجة مياه الصرف، وتحسين تدبير النفايات الصلبة، ووضع برامج تنمية مستدامة للزراعة والسياحة والصيد، في إرساء مناخ إيجابي يتيح الانتقال بالاقتصاد الوطني نحو اقتصاد أخضر وذلك من خلال الخطط والاستراتيجيات التي اعنتبر من أهمها:
×       مخطط المغرب الأخضر: الذي يهدف إلى الرفع من مردودية القطاع الفلاحي والحفاظ على أثره الاجتماعي، عبر مواكبة مستمرة للساكنة القروية بواسطة مشاريع التجميع والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتثمين الموارد المائية والفلاحية، والحد من تلوث التربة، وتشجيع الطاقات النظيفة في الفلاحة[13].
×       المخطط المغربي للطاقة الشمسية: ويشمل إنجاز خمس محطات لإنتاج الكهرباء من مصدر شمسي في كل من ورزازات وعين بني مطهر وفم الواد وبوجدور وسبخت الطاح، مما سيمكن المغرب من إنتاج حوالي 2000 ميغاواط من الكهرباء، وذلك في أفق سنة 2020[14]، من أجل اقتصاد 1 مليون طن سنويا من المحروقات الأحفورية، إلى جانب المساهمة في الحفاظ على المحيط البيئي من خلال تجنب انبعاث 3.7 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة.
×       استراتيجية هاليوتيس: وتهدف تثمين الموارد البحرية بكيفية مستدامة، وزيادة الناتج الداخلي لهذا القطاع بثلاثة أضعاف في أفق 2020، ومن أجل إخراج هذا المخطط إلى حيز الوجود تم خلق3  أقطاب تنافسية كبيرة في طنجة وأكادير والعيون[15].
×       رؤية 2020 للسياحة: ومن أهدافها تهيئة المركبات السياحية وتنفيذ الميثاق المغربي للسياحة المسؤولة، وتثمين العلامات الإيكولوجية للسياحة.
×       مخطط رواج لتنمية القطاع التجاري: والذي يعطي مكانة خاصة للحد من الآثار البيئية للمباني التجارية، وذلك عبر الاستعمال المعقلن للماء والطاقة وتدبير النفايات[16].
×       المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: وأهدافها المتجلية في الحد من الفقر وتحسين مستوى العيش، مما يمكن من الحد من الضغوطات على الموارد الطبيعية[17].
×       أما المخطط الوطني للتطهير السائل وتصفية المياه العادمة: فإنه يسعى في أفق سنة 2020 إلى رفع نسبة تصفية المياه العادمة إلى  60 في المائة[18]، ما سيتيح خلق أكثر من 10 آلاف فرصة عمل مباشر[19]، زيادة على الفرص المتوقعة في المسلك الصناعي المتعلق بإنتاج المعدات وإعادة استعمال تلك المياه. 
المطلب الثاني: الإطار القانوني للإقتصاد الأخضر في المغرب
بعد دستور 2011[20]  الذي نص  في الفصل 31 أنه ''تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحقوق التالية، الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة، التنمية المستدامة''، ونص في الفصل 35 على أنه ''تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة، والتنافس الحر، كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية مستدامة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة''،
جاء القانون الإطار للبيئة والتنمية المستدامة 99-12[21]،  وكان الخطوة الأولى في التنصيص على الاقتصاد الأخضر في المادة 18 الذي أكد أنه ''تقوم الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية  والمقاولات الخاصة بتشجيع إعداد برامج في التنمية في خدمة التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر''.
أما على مستوى التنظيم الإداري، فبعد أن كانت السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة وهي الوزارة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، تتألف بالإضافة إلى الديوان من إدارة مركزية[22] تشمل الكتابة العامة وقسمين الأول يختص بالمشاريع النموذجية ودراسات التأثير على البيئة، والثاني يهتم بالميزانية والموارد البشرية إضافة إلى أربع مديريات[23]، أصبحت الآن تتألف من الكتابة العامة  والمفتشية العامة  ومديرية الرصد والدراسات والتخطيط ومديرية التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والاقتصاد الأخضر ومديرية البرامج والإنجازات ومديرية الشراكة والتواصل والتعاون ومديرية المراقبة والتقييم البيئي والشؤون القانونية[24].
إذ تناط بمديرية التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والاقتصاد الأخضر مهام وضع وتفعيل الآليات المتعلقة بنموذج الاقتصاد الأخضر بشراكة مع القطاعات المعنية.[25]
وأهم المجالات التي ينبني عليها الاقتصاد الأخضر الطاقة وأهم القوانين التي ضمنت مساهمتها فيه في المغرب قانون النجاعة الطاقية[26]، والذي يهدف إلى الرفع من النجاعة الطاقية عند استعمال موارد الطاقة وتفادي التبذير والتخفيف من عبء تكلفة الطاقة على الاقتصاد الوطني،
كما يتوخى القانون إدماج تقنيات النجاعة الطاقية بشكل مستدام على مستوى جميع برامج التنمية القطاعية، وتشجيع المقاولات الصناعية على ترشيد استهلاكها من الطاقة .

خاتمة
رغم الاختلاف على  تعريف الاقتصاد الأخضر وتحديد أهدافه إلا أن مجالاته موحدة، والتي كانت أهمها الطاقة المتجددة والوظائف الخضراء والبناء الأخضر وإعادة تدوير المياه الثقيلة، وهي مجالات خطى فيها المغرب خطوات مهمة إلا أنه يلاحظ غياب استراتيجية للوظائف الخضراء وهو ما يجب أن يتدارك لأهميتها في حل أكبر مشكل يعاني منه الاقتصاد الوطني وهو مشكل البطالة.





[1] - محمد عبد البديع، ''اقتصاد حماية البيئة نشأته ومبرراته''، مجلة مصر المعاصرة، عدد 419- 420، سنة 1990.
[2] - محمد عبد القادر الفقي،  المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية،'' الاقتتصاد الأخضر''، سلسلة البيئة البحرية 4، أبريل 2014، ص3.
[3] - نفس المرجع ص:5.
[4] - نفس المرجع ص:6.
[5] - برنامج الأمم المتحدة للبيئة 2011،'' نحو اقتصاد أخضر، مسارات إلى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، مرجع واضعي السياسات''، منشور في الموقع الإلكتروني للبرنامج، www.unep.org/greeneconomy ، ص:10،  بتاريخ 20-05-2014.
[6] - نفس التقرير السابق.
[7] -JURGENSEN (philippe) ‘’l’économie verte, comment sauver notre planète’’, Odile Jacob, Paris 2009,  P. 97
[8]-  الإسكوا،'' الاقتصاد الأخضر بالمنطقة العربية:المفهوم العام والخيارات المتاحة أمام دول المنطقة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة/ المكتب الإقليمي لغرب أسيا،. أبريل 2011 ، ص: 3
[9] وتعرف منظمة العمل الدولية الوظائف الخضراء على أنها "عمل لائق من شأنه أن يخفف من آثار نشاط الشركات والقطاعات الاقتصادية على البيئة، وخفضها إلى مستويات مستدامة، أو أنها عمل يتضمن وظائف تحافظ على البيئة وتعيد تأهيلها''. الأمم المتحدة، المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لمنظمة الأمم المتحدة، "اعتماد الوظائف الخضراء لتعزيز توظيف الشباب في ست من القرى السورية المئة الأشد فقرا"، ورشة عمل من تنظيم منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتدريب العمال الريفيين على سخانات المياه العاملة على الطاقة الشمسية في محافظة حلب، (بيروت، 25--27 مارس 2011)، ص: 1.
[10] - الإسكوا، نفس المرجع السابق ص: 4.
[11] - تقرير صادر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية 2011، بيروت بتاريخ 28-10-2011، تحرير حسين أباظة، نجيب صعب بشار زيتون.
[12] - المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ''التقرير السنوي 2012'' ص: 91 -92.
[13] - موقع وزارة الفلاحة والصيد البحري،www.agriculture.gov.ma   بتاريخ 20-05-2014.
[14] - موقع  الوكالة المغربية للطاقة الشمسية،  www.masen.org.ma 20-05-2014.
[15]-  موقع وزارة الفلاحة و الصيد البحري، www.agriculture.gov.ma 20-05-2014.
[16] - موقع وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، www.mcinet.gov.ma  20-05-2014.
[17] - موقع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، www.indh.gov.ma  20-05-2014.
[18]- المجلس الوطني للبيئة، البرنامج الوطني للتطهير السائل وتصفية المياه العادمة، الدورة الخامسة، 2007 الرباط، ص: 24.
[19]-  المرجع ذاته، ص:20.
[20]- دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91، بتاريخ 29 يوليوز2011،منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، بتاريخ  28 شعبان 1432(30 يوليوز2011 )، ص:3600.
[21] - ظهير شريف رقم 1.14.09 صادر في 4 جمادى الأولى 1435 (6 مارس 2014)، بتنفيذ القانون الإطار رقم 99.12  بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6240 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1435 (20 مارس2014)، ص: 3194.
[22] - المادة 2 من من المرسوم رقم 922-99-2، الصادر في 13 يناير 2000، في شأن تنظيم واختصاصات كتابة الدولة لدى وزير إعداد التراب الوطني والماء والبيئة، جريدة رسمية عدد 4770، بتاريخ 17 فبراير2000، ص: 254.
[23]- المادة 3 من نفس المرسوم.
[24]- المادة 3 من المرسوم رقم 2-14-758، صادر  في 30 من صفر 1436 (23 ديسمبر 2014)، بتحديد اختصاصات وتنظيم الوزارة المكلفة بالبيئة، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6330، بتاريخ 8 ربيع الاخر 1436 (29 يناير 2015)، ص: 843.
[25]- المادة 7 من نفس المرسوم.
[26]- القانون رقم 47.09 المتعلق بالنجاعة الطاقية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.161 بتاريخ فاتح ذي القعدة 1432(29 سبتمبر 2011) منشور بالجريدة الرسمية عدد 5989 بتاريخ 26 26 ذو القعدة 1432 (24 أكتوبر 2011)  ص:5185
تعليقاتكم وانتقاداتكم مهمة

ليست هناك تعليقات