الجماعات المحلية و الشراكة بين القطاع العام و القطاع الخاص المقدمة: تضطلع المرافق العمومية، ولا سيما الوظيفة العمومية، بدور حي...
الجماعات المحلية و الشراكة بين القطاع العام و القطاع الخاص
المقدمة:
تضطلع المرافق العمومية، ولا سيما الوظيفة العمومية، بدور حيوي في صياغة
السياسات وتنفيذها.
فالوظيفة العمومية توجد في مركز التخطيط للخدمات العمومية المقدمة وتصريفها ومراقبتها وتقييمها من طرف الحكومة. ومن ثم كان التقديم الناجع للخدمات أمرا أساسيا بالنسبة للدولة الوظيفية ولاقتصادها. وعندما يصبح ذلك التقديم متكّلفا وغير فعّال، فإن ذلك يؤثر على جودة حياة الناس وعلى تنمية الأمة، وعلى نوع الحكامة السائدة.
ويبدو أن الخدمات العمومية لم تكن دائما مواتية بما يكفل تحقيق التقدم الاقتصادي، الذي يفتح الباب أمام فرص أكبر لخلق الثروات وتحسين مستويات المعيشة.
وباستثناءات قليلة، ينظر إلى تدبير الخدمات العمومية وتقديمها في الجزء الأعظم من القارة الإفريقية على أنها يعتورها السُّبات. ففي مطلع الاستقلال إبان الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بدا أن بعض البلدان كانت لها رؤية جيدة وواعدة تنطلق منها، وقد أبلت في ذلك بلاء حسنا.
وقتها كانت الخدمات العمومية صغيرة الحجم ومعترفا بها من طرف الإدارات كجوانب حيوية للتنمية الوطنية؛ وكان الموظفون العموميون يحصلون على رواتب جيدة قياسا إلى القطاع الخاص، الذي كان لا يزال في مراحله الجنينية وآخذا في البزوغ.
إلا أن متطلبات تسريع التنمية التي تلت تلك الفترة وّلدت توسعا سريعا للخدمات العمومية، التي بدأت بدورها تعيش تحديات فيما يخص القدرة على تسطير السياسات وتقديم الخدمات.
وسرعان ما بدأ النقص في الاقتدار على امتداد سلسلة تسطير السياسات العمومية يفضح جودة الخدمات المقدمة من طرف المرافق العمومية في كافة المجالات تقريبا.
واليوم، تواجه المرافق العمومية في العديد من البلدان الإفريقية تحديات متنوعة تكبح قدرتها على التنفيذ. ويشمل ذلك عامل الموارد البشرية فيما يرجع للخصاص في الموظفين اللازمين من حيث الأعداد والكفاءات، والنقص في الميولات الذهنية القويمة والاستعدادات النفسية والاجتماعية السليمة.
أيضا هناك المشكل الأزلي للنقص في الوسائل اللوجيستية المالية والمادية الضرورية لرفد تقديم ناجع للخدمات. من ناحية أخرى، واصل التآكل التدريجي للأخلاقيات والمساءلة تشويشه على القطاع العام في تقديم خدماته للناس بشكل ناجع.
وبالنظر للدور المحوري للمرافق العمومية في التنمية الوطنية، أضحى من الملحّ أن نعاين المقاربات القائمة بغية إيجاد سبل ووسائل لتحسين الخدمات المقدمة في القارة الإفريقية كشرط مسبق لتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن بين هذه المقاربات إقامة أو تعزيز شراكة متينة بين القطاعين العام والخاص. فمن شأن ذلك أن يخلق مشروعات تعاونية لتوفير التجهيزات الأساسية الكفيلة بتشجيع روح المبادرة الحرة وخلق المقاولات، بناء على خبرة كلا الشريكين، بما يلبي الاحتياجات عبر التخصيص المناسب للموارد ومواجهة المخاطر ورصد المكافئات.
إن هذه الشراكة موجهة نحو تحدّ محدد، ألا وهو إيقاف الفجوة الآخذة في الاتساع بين متطلبات الأداء والأداء الفعلي، وتجاوز ذلك إلى الردم الفعلي لهذه الفجوة بأسرع ما يمكن. ثمة حاجة لإحداث تغيير في الأداء من أجل بلوغ اقتدار أعلى في تدبير السياسات وتدبير الموارد البشرية. والشراكة بين القطاعين العام والخاص تتيح تعاونا منتظما بينهما؛ كما تتيح النهوض باللامركزية التي من شأنها حفز القدرات والبيئة المواتية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن الحكم النهائي على فعالية أي حكومة حكومة هو من خلال فعالية الخدمات التي توفرها. فالدول، وهي تصارع لتلبية الطلبات المتزايدة للمجتمع، كثيرا ما تجد نفسها عاجزة عن التعاطي مع المهام الراهنة. وهي ما برحت تعبر عن رغبتها في بحث ترتيبات للشراكة مع هيئات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، بغية الرفع إلى أقصى حد من مستوى الخدمات المقدمة لمواطنيها. أجل، ما انفكت الحكومات الإفريقية تزداد وعيا بأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالنسبة للتنمية. وبعض البلدان الإفريقية قامت فعلا بوضع آليات للتشاور وأرضيات للتحاور بين القطاعين العام والخاص؛ وثمة درجة عالية من الإقرار باستحالة وضع برنامج مستدام للتخفيض من حدة الفقر دون مشاركة القطاع الخاص.
وفضلا عن الإقرار سالف الذكر، تعترف الحكومات الإفريقية تماما بأن "القطاع الخاص هو محرك النمو الاقتصادي"، كما تشدد على كون مؤسسات القطاع الخاص بحاجة لكي تكون أكثر قوة من خلال بناء قدراتها بغية الاضطلاع بدور المناصر، ولكي تحظى باعتراف متزايد في سيرورة التحول الاقتصادي.
لقد تم في بعض البلدان الإفريقية إحداث لجان ومجالس ومنتديات استشارية للنهوض بالحوار بين القطاعين العام والخاص، ومن هذه البلدان نذكر بوتسوانا والكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وإثيوبيا وغانا ومالي وجزيرة موريس ونيجيريا ورواندة والسينغال وسيراليون وجنوب إفريقيا والسودان وطانزانيا وأوغاندا وزيمبابوي. وتروم آليات الاستشارة هذه، مع بعض الاختلاف من بلد إلى آخر، خلق علاقة وتعاون وشراكة مواتية فيما بين الحكومات والقطاعات الخاصة 1، وجعل الحكومات تضطلع بدور أكبر في تيسير مناحي مثل هذا التعاون؛ أي عبر خلق بيئة تشريعية مواتية لتطور المقاولات، وأحد السبل لخلق مثل هذه البيئة المواتية هو توفير مجال لتقديم خدمات سريعة.
ومن شأن جعل قضايا الحكامة في صدارة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ووضع المواطن في الصدارة وفي المركز، أن يم ّ كن الحكومات من التركيز على الأولويات والاحتياجات بغية تدبير أحسن لجهود التنمية. وعلى نفس درجة الأهمية بالنسبة لهذا المنتدى، هناك الدروس التي يمكن للبعض تعّلمها من تجارب البعض الآخر، ليس فقط على مستوى قصص النجاح الفردية، بل كذلك على مستوى الإخفاقات، وذلك لتجنب تكرارها.
- دراسة السبل التي يمكن بها للشراكة بين القطاعين العام والخاص التأثير بشكل إيجابي في تقديم الخدمات ؛
- التعلم من التجارب السابقة:
ما الذي تحقق، وكيف تحقق، وما هي الإصلاحات اللازمة لإنجاز شراكة كاملة بين القطاعين العام والخاص ؛
- إعادة النظر في قضايا الشفافية والأخلاقيات والمساءلة وتأثيرها على تقديم الخدمات، وذلك بهدف جعل الحكومات أكثر انفتاحا وأكثر شفافية وأكثر خضوعا للمساءلة وأكثر استجابة لمستعملي خدماتها ولمواطنيها ؛
- دراسة كيفية تحسين التجهيزات الأساسية الاجتماعية: المصالح التربوية والصحية، قضايا البيئة، الطرقات، النقل، الإسكان، الطاقة، الاتصالات، إلخ،عن طريق مثل هذه الشراكة ؛
- دراسة كيفية تشجيع وتأمين استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال من أجل تقديم خدمات أفضل ؛
- الخروج بأجندة واقعية للشراكة بين القطاعين العام والخاص وتدابير لبناء القدرات، ولا سيما داخل الوظيفة العمومية، بهدف تقديم خدمات عمومية أفضل؛
- استكشاف السبل والوسائل لتسطير ميثاق لأفضل الأساليب في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص والنهوض بالحكامة الناجعة والفعالة.
المحور الأول: الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتقديم الخدمات.
من المكونات الأساسية للنظام الجديد للتدبير العمومي، والناشئ عن التحول في النماذج، الاهتمام الذي بات يعطى لرعاية الزبون/المرتفق. فالاشتراطات الجديدة لها غرض مزدوج:
التقليل إلى أدنى حد من أسباب الرشوة والفساد، وفي نفس الوقت التمكين لمتلقي الخدمات، ليس فقط فيما يخص الخدمات المتاحة لهم، بل الأهم من ذلك جعلهم يأخذون علما بجودة ومقاييس الخدمات التي يمكنهم توقعها. وهذا يشجع أيضا التنافسية فيما بين مقدمي الخدمات، مما يحسّن من جودة الخدمات المقدمة. هذا يعني بأنه من الممكن تقديم الخدمات بتكاليف أقل، سواء من طرف القطاع الخاص أو العام.
وسوف يقوم المؤطرون والمشاركون في المنتدى بتحديد المقاربات الرامية إلى حفز مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات. ويشمل ذلك المشروعات المشتركة بين القطاعين العام والخاص ومنح مرافق ذات الامتياز للقطاع الخاص لتقديم الخدمات الاجتماعية التي يسيطر عليها حاليا القطاع العام كالمدارس والمستشفيات وخدمات الماء والاتصالات وعقود التدبير وكراء الأملاك الحكومية والتسويق.
كما سيُدعا المشاركون كذلك لمحاولة استكشاف إلى أي حد نجحت إجراءات تجاوز الإكراهات التي تعترض تسيير المنشآت العمومية، والمتمثلة في النقص في الاستقلالية وضعف السلطات الممنوحة للمسيرين على مستوى المنشأة، ولا سيما فيما يتعلق بتدبير الأداء على مستوى التسعير وإبرام الصفقات العمومية وانتداب الموظفين والتسويق، وكذا انعدام الرغبة لدى الدولة لخلق مالكين بإمكانهم حماية رأس المال المستعمل، وما الذي مازال من الممكن القيام به.
هكذا، سيركز المشاركون على دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تقديم الخدمات، وذلك من خلال دراسة حالات فعلية والوقوف عند أحسن الأساليب.
المحور
الثاني: تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضمانا
لمبدإ المساءلة والشفافية.
تشير الدلائل بوضوح إلى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البلدان الإفريقية ليست قوية على النحو المطلوب. ومن بين أسباب ذلك بقايا التوجس والمقاومة تجاه القطاع الخاص، وضعف المؤسسات والآليات الكفيلة بجعل هذه الشراكة فعالة، وكون القطاع الخاص في معظم البلدان مازال ضعيفا ويفتقر إلى القدرة والتجربة والمهارات التحليلية لكي يصبح شريكا فعالا للقطاع العام.
فضلا عن ذلك، ثمة حاجة لإحداث تغييرات في مواقف ومنظوريات المقاولين من أهل البلد، حتى يتسنى لهم البدء في النظر إلى أبعد من مجرد مصالحهم الضيقة نحو ما هو جيد للاقتصاد ككل. كما أن التطور المؤسساتي وبناء القدرات في القطاع الخاص من الأمور الأساسية لبناء الوحدة بين المقاولين وتمكينهم من القيام بالعمل التحليلي المطلوب للانخراط في حوار هادف مع القطاع العام 2. ثمة حاجة لكي يسود الانفتاح والشفافية ومبدأ المساءلة حتى يتسنى تحقيق شراكة ناجحة.
سوف يقوم المؤطرون والمشاركون ضمن هذا المحور بمناقشة القضايا المشار إليها أعلاه، والخروج بأفكار ومقترحات حول ما يمكن القيام به بشكل ملموس لتشجيع حوار هادف بين القطاعين العام والخاص، بغية بناء وتطوير قطاع خاص قوي بما يمكنه من أن يصبح شريكا ندا للند مع القطاع العام في الإسهام الفعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ضمانا للمساءلة العمومية وتحسينا للخدمات المقدمة للساكنة.
كما ستتم مناقشة قضايا الشفافية والانفتاح والثقة والأخلاقيات والمساءلة.
المحور
الثالث: الولوج إلى الخدمات الأساسية: الإطار المخططاتي والمؤسساتي.
تستهدف هذه الجلسة تحديد دور كل من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في تقديم الخدمات الأساسية، وإلقاء نظرة على السياسات والنظم التمكينية في علاقتها بمختلف المتدخلين. وسيصار في الجلسة إلى تحديد ما يتعين على الحكومة وضعه من سياسات من أجل خلق بيئة تمكينية للقطاع الخاص، وكذا تحديد التجهيزات الأساسية الرئيسية المطلوبة.
كما ستناقش الجلسة الخيارات على مستوى الإطارات المؤسساتية التي من شأنها النهوض بحكامة تخضع للمساءلة وشّفافة فيما يتعلق بتقديم الخدمات الأساسية وتحديد الأدوات لزيادة الولوج إلى هذه الخدمات، ومناقشة كيفية استعمال هذه الأدوات لزيادة الولوج إلى الخدمات بالنسبة للفقراء، سواء من طرف القطاع العام أو الخاص. هذا وسوف يتم تبادل التجارب حول أفضل الأساليب والحكامة.
فضلا عن ذلك، سوف يناقش المؤطرون والمشاركون دور الحكامة التشاركية والخاضعة للمساءلة في إتاحة الولوج إلى الخدمات الأساسية بالنسبة للجميع.
إن إفريقيا، شأنها شأن قارات أخرى ضمن العالم النامي، تشهد معدلا عاليا للتمدين يتجاوز إمكانيات تأمين الخدمات الأساسية، مما ينتج عنه تناسل للأحياء الفقيرة.
ومن هذا المنطلق، سوف يناقش المؤطرون والمشاركون المسؤولية الشاملة للحكومات الوطنية في استخدام كامل مقدّرات القطاع الخاص والمجتمع المدني لتوفير الخدمات للساكنة. علاوة على ذلك، سيصار في الجلسة، ضمن هذا المحور، إلى مناقشة كيفية تحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية من خلال إطارات للحكامة موالية للفقراء وبناء القدرات والتمكين المحلي وتحسين التواصل فيما بين الفاعلين. وعوض التركيز على من يقدم الخدمات، ينبغي أن يتجه الاهتمام الآن صوب إطارات الحكامة من أجل تحسين تقديم الخدمات الأساسية. ولا مفر من أن تبرز المشاركة والمساءلة كمبدأين أساسية لإطارات للحكامة
موالية للفقراء من أجل الولوج إلى الخدمات الأساسية.
وأخيرا، ضمن هذا المحور، سوف يقوم المشاركون بمناقشة السبل والوسائل التي تجعل القطاع الخاص يحظى بتقدير لإسهامه في تقديم الخدمات. ومن هذه السبل دراسة وتحديد ومأسسة يوم لتخليد وجود القطاع المذكور، أي أن يصار إما إلى تخليد يوم للقطاع الخاص أو يوم للقطاعين العام والخاص، بغية تعزيز الشراكة بين القطاعين.
ولكي يعمل النظام بطريقة تشاركية وشفافة، من اللازم على الحكومات إدخال
"نظم الاندماج"
على المستوى المحلي. والمقصود بنظم الاندماج إيجاد تكتل يضم الفاعلين الثلاثة: القطاعان العام والخاص والمجتمع المدني.
ويمكن لمثل هذه المقاربة أن تبني جسور الثقة بين الناس وحكوماتهم، وهو مستلزم أساسي من مستلزمات المشاركة.
فهل توجد نظم للإدماج في البلدان الإفريقية تلائم القيم المحلية؟ إذا كان الجواب بنعم، فهل نجحت هذه النظم في توفير ولوج للاحتياجات الأساسية بالنسبة للفئات الضعيفة والهشة والفقيرة في المجتمع؟
المحور
الرابع: النهوض بنجاعة حكامة المنظمة والحكامة الإلكترونية لتحسين الخدمات المقدمة.
باتت حكامة المنظمة تحظى باهتمام أكبر في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية لسنتي2002 . ومما - 1998-1997 وسلسلة الفضائح التي عرفتها بعض الشركات سنتي 2001حملته العولمة معها كون الاقتصاديات الوطنية أضحت مترابطة فيما بينها على نحو متزايد. كما أن تكنولوجيا الإعلام والاتصال ساهمت بقسط وافر في تسريع هذا التغيير، فيما شجّع تحرير الأسواق وإزالة الحواجز التشريعية المالية وتعاظم التكتلات على مستوى الموارد بين كبريات الشركات متعددة الجنسية، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية تحويل سريع للاستثمارات الكبرى، على تزايد الاعتماد المتبادل فيما بين الاقتصاديات والتنافسية في مجال تقديم الخدمات بنفس الدرجة من الأهمية. أضف إلى ذلك أن هذه التغييرات ظهرت خلال فترة صارت فيها الدول تنسحب من العديد من أدوارها التدخلية التقليدية في تضبيط الاقتصاديات وتسيير المنشآت المؤممة.
فراحت الدول الآن تحاول توفير ولوج واسع للخدمات وتسخر لذلك الحكامة الإلكترونية.
وكنتيجة لهذه المجهودات، أضحت الشركات متعددة الجنسيات تتوفر على قدر كبير من السلطة والتأثير وتتنافس فيما بينها لتقديم الخدمات. هكذا، حظيت جودة الحكامة داخل الشركات وجودة الخدمات التي تقدمها بأهمية جديدة.
إذ شهدت السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بهذه القضايا لدى واضعي السياسات وفي الأوساط الأكاديمية ولدى الفاعلين المباشرين داخل الشركات. إن الحكومات معنية من عدة مناحي، وبشكل وثيق، بحكامة المنظمة والحكامة الإلكترونية. أولا، للحكومة السلطة لوضع التشريعات والسهر على تطبيقها بما يحدد هيكلة حكامة الشركات ضمن دائرة اختصاصها. كما يمكنها تضبيط الشركات بشكل مباشر، أو التأثير عليها بشكل غير مباشر، من خلال سلطتها التضبيطية على الفاعلين.
ثانيا، يمكن للحكومة أن تشارك بشكل مباشر في شؤون المنظمة بوصفها أحد الفاعلين.
ثالثا، الحكومة هي التي تضع المعايير المقبولة للخدمات التي يتعين تقديمها،
والتي يتعين عليها توفيرها إلكترونيا. هذه المنظمات تتنافس على نفس الخدمات التي يوفرها كل من القطاع الخاص والقطاع العام.
وبالنظر لمثل هذه الانخراطات، يمكن التأثير بشكل كبير على الجودة العامة لحكامة المنظمة وللحكامة الإلكترونية، وكذا على جودة الخدمات المقدمة في كل بلد من البلدان من طرف الحكومة، عبر استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال.
وبهذا المعنى، يكون الهدف الرئيسي لهذه الجلسة هو معاينة ما هو موجود من حكامة المنظمة وحكامة إلكترونية وجودة الخدمات المقدمة، ومن ثم استخلاص الدروس حول الدور الذي يمكن أو يتعين على الحكومة أن تلعبه للنهوض بجودة حكامة المنظمة والحكامة الإلكترونية والخدمات المقدمة في مختلف السياقات والبلدان، بهدف تحسين الخدمات المقدمة.
وسوف يصار في الجلسة إلى دراسة كيفية تشجيع تسخير الحكامة الإلكترونية لتحسين الخدمات المقدمة.
وضمن هذا المحور، سيقوم المؤطرون والمشاركون بتأمل القضايا المشار إليها أعلاه، والتشديد على أهمية حكامة المنظمة والحكامة الإلكترونية لضمان تحسين الخدمات المقدمة، واستخلاص الدروس التي يمكن تعّلمها من التجارب المختلفة، ودراسة العلاقات المعّقدة بين الشركات والحكومات، والدور الذي يلعبه المشرّعون والقائمون على التضبيط، لتعزيز أشكال التعاون ومناقشة قضايا الحكامة
(المساءلة والشفافية) في قطاع الشركات، والانكباب على حكامة المنظمة والحكامة الإلكترونية والمسؤولية الاجتماعية للشركات داخل المنظمات الخاصة والعامة.
المحور الخامس:
مزايا ومساوئ الشراكة بين القطاعين العام والخاص على التنمية.
يضطلع
القطاع الخاص
بأدوار ما
فتئت تتعاظم
في إنتاج
السلع وتوفير
الخدمات التي
كانت في
يوم من
الأيام تعتبر
"عمومية"، ومن
ثمة هي
حصريا من
مسؤوليات الحكومات.
وقد أضحى
اللجوء إلى
الشراكة بين
القطاعين العام
والخاص وأشكال
أخرى للتعاون بين
القطاع الخاص
والحكومات المحلية
والوطنية يشيع
أكثر فأكثر
عبر العالم
من أجل تطوير
وتوسيع شبكات
وخدمات الطاقة
والمنافع الأخرى،
وتطوير أنظمة
الاتصالات والنقل، وتشييد
وتسيير مرافق
الماء والصرف
الصحي ومعالجة
النفايات، وتوفير
الخدمات الصحية والتعليمية
وغيرها.
وضمن
هذا المحور،
سوف يقوم
المؤطرون والمشاركون
بتأمل هذه
القضايا التي يمكنها
أن تكون
إما مزايا
أو مساوئ
في الشراكة
بين القطاعين
العام والخاص.
فعلى سبيل المثال،
هل في
إقامة شراكة
بين القطاعين
العام والخاص
للاضطلاع بوظائف
كانت في السابق
من مسؤوليات
القطاع العام
من منافع
كامنة بالنسبة
لكل من
المواطنين والحكومات؟ هل
بإمكان الشراكة
بين القطاعين
العام والخاص
زيادة التنافسية
والمردودية في مجال
توفير الخدمات
وتوسيع التغطية
وخفض تكاليف
تقديم هذه
الخدمات؟ هل
يمكن للقطاع الخاص
القيام بتسيير
أنجع لمجموع
سلسلة التزويد
لتوفير وتوزيع
السلع والخدمات بشكل أكثر
فعالية من
الأجهزة الحكومية؟
هل بإمكان
الشراكة بين
القطاعين العام
والخاص الإتيان بأفكار
جديدة حول
تسطير البرامج
والمشاريع وبناء
تآزرات بين
تصميم المرافق وتشغيلها؟ هل
بإمكان الشراكة
بين القطاعين
العام والخاص
أن تسمح
للحكومات بتوسيع الخدمات دون
زيادة أعداد
المستخدمين العموميين،
ودون القيام
باستثمارات كبيرة
لرؤوس
الأموال
في المرافق
والتجهيزيات؟
على
الرغم من
أن الشراكة
بين القطاعين
العام والخاص
بإمكانها أن
توفر للحكومات
في البلدان
النامية وسائل
مهمة لتوسيع
الخدمات والتحهيزات
الأساسية، وتعطي للقطاع الخاص
فرصا تجارية
لتوسيع مقاولاته،
إلا أن
الشراكة بين
القطاعين العام والخاص تنطوي
على ترتيبات
معقدة ويمكنها
أن تخلق
مشاكل بالنسبة
لكل من
القطاع العام والقطاع
الخاص، إذا
لم يتم
إقامتها وتدبيرها
على النحو
المناسب.
فإذا لم
يتم تسطير الشراكة بين
القطاعين العام
والخاص والسهر
عليها بشكل
جيد، يمكن
للخدمات التي تقدمها أن
تصبح أكثر
كلفة من
تلك التي
توفرها الحكومات.
وإذا كانت
التضبيطات الحكومية متشددة
أكثر من
اللازم، فقد
يؤدي ذلك
إلى نقائص
على مستوى
تقديم الخدمات، وإذا كانت
هذه التضبيطات
رخوة أكثر
من اللازم،
فقد لا
تجعل موفري
الخدمات الخواص تحت طائلة
المساءلة على
الوجه المطلوب.
وإذا
تجاوزنا التعقيدات
الكامنة، يمكن
القول إن
الشراكات بين
القطاعين العام والخاص
التي يخطط
لها وتطبق
بشكل جيد
بإمكانها أن
تساعد الحكومات
في تحسين
جودة الخدمات وتخفيض
كلفتها وتوسيع
تغطيتها، كما
يمكنها تسريع
بناء التجهيزات
الأساسية والمرافق التي
تعتبر حيوية
بالنسبة للتنمية
الاقتصادية وللرقي
الاجتماعي.
يمكن للشراكةبين
القطاعين العام
والخاص، وأشكال
أخرى من
أشكال التعاون
بين القطاعين،
أن تكون أدوات ثمينة
تلعب دور
الرافعة لموارد
كل من
القطاع العام
والقطاع الخاص،
والنهوض بقدرات الحكومات
الوطنية والمحلية
على تحقيق
أهدافها التنموية.
سوف
يكون المؤطرون
والمشاركون مدعوين
للتداول في
القضايا المشار
إليها أعلاه،
وأن يركزوا
اهتمامهم تحديدا
على مزايا
ومساوئ الشراكة
بين القطاعين
العام والخاص في
السياق الإفريقي.
فماهي الوضعية
الراهنة في
إفريقيا، وأين
نرغب أن
نكون فيما يتعلق
بالشراكة بين
القطاعين العام
والخاص؟
الخاتمة:
من
المنتظر أن
توفر هذه
السطيحة فرصة
لكبار المسؤولين
لتبادل التجارب
ومناقشة الاستراتيجيات العملية
لتحسين الخدمات
المقدمة والحكامة
مع ممثلين
من القطاع
الخاص وهيئات المجتمع
المدني والمنظمات
الدولية والإقليمية،
ومن ثم
إتاحة الفرصة
لربط قنوات الاتصال وإقامة
الشبكات والتعرف
على أفكار
جديدة.
كما
من المنتظر
أن يخرج
المنتدى بإعلان
طنجة حول
الشراكة بين
القطاعين العام والخاص.
وينتظر من
هذه الوثيقة
أن تمثل
الخلاصات الأساسية
ومجالات التوافق
والنقاط التي حظيت
بالنقاش خلال
التظاهرة.
كما ينتظر
من إعلان
طنجة، مسنودا
بالفعاليات المشاركة في
المنتدى السنوي
الرابع، إصدار
نداء من
أجل عمليات
ملموسة على
صعيد وضع السياسات
على المستوى
الإقليمي والوطني
والمحلي.
وتعتبر هذه
التدابير في
مجال وضع السياسات
حيوية من
أجل بناء
شراكة ناجحة
بين القطاعين
العام والخاص
في سبيل تحسين الخدمات
المقدمة.
وسيصار في
إعلان طنجة
إلى الاعتراف
بأهمية القطاع
الخاص من خلال
اتخاذ قرار
بإقامة ومأسسة
يوم للقطاع
الخاص يصار إلى
تخليده كل
سنة في تاريخ محدد
يتم ضبطه
في الإعلان
المذكور.
ليست هناك تعليقات