مفهوم التنسيق الإداري يتطلّب تحديد الوظائف، والاختصاصات، والبرامج، والسياسات ـ وفقاً لما تقضي به الخطط الموضوعة ـ العمل على إيجاد ...
مفهوم التنسيق الإداري
يتطلّب تحديد
الوظائف، والاختصاصات، والبرامج، والسياسات ـ وفقاً لما تقضي به الخطط الموضوعة ـ
العمل على إيجاد نوعٍ من الترابط بينها، كي تكون هناك صورة متناسقة غير متعارضة
لجزئيات العمل، وبغية تفادي أي صدام في التطبيق العملي، أو في المفاهيم الأساسية
للأهداف، والقيم، والقضاء على أي ازدواج أو تداخل بينها.
وبهذا تحل وحدة الفكر والعمل محل التنافر
والتشتت، وتحقيق التكامل في جهود المجموعة العاملة، بما يؤدي في النهاية إلى تحقيق
الأهداف المرجوة بأكبر كفاءة ممكنة.
وتبرز أهمية التنسيق بصفة خاصة في المجالات
التي تكون فيها الاختصاصات والأعباء موزعة على أكثر من وحدة تنظيمية داخل المنظمة
الإدارية، فلكي يكون لتقسيم العمل أثره الفعال لا بد أن يصاحبه التنسيق، أي
التوفيق، والترتيب المنظم للجهود الجماعية، وخلق الظروف الملائمة لتفاعلها، وتفادي
أي تداخل أو تضارب بينها، وربط أجزاء الوحدة الإدارية، بحيث ينجم عنها كل متكامل.
ويمكن تعريف التنسيق: "إجراء التنظيم
المناسب للعلاقات القائمة بين وحدات إدارية متعددة، بمعنى التوفيق بين عدة مراكز
يملك كل منها إصدار قرارات فردية. وهذا التوفيق قد يستهدف تحقيق تكامل بين عدة
قرارات، وقد يراد به توجيه قرارات متعددة نحو هدف محدد".
ويتضح من التعريف المتقدم أن مسؤولية
التنسيق تقع على عاتق الرئيس الإداري بعدها وظيفة من وظائف القيادة الإدارية. ولا
بد لنجاح التنسيق من تعاون الأفراد داخل المنظمة الإدارية، فهو صورة من صور العمل
الجماعي، ويتطلّب وحدة الجهود والتصرفات. ويلجأ الرئيس الإداري إلى وسائل متعددة
لتحقيق عملية التنسيق، ومن أهم هذه الوسائل الاتصال الدائم بين مختلف أجزاء
الإدارة، سواء كان هذا الاتصال هابطاً، أم صاعداً، أم أفقياً، وسواء كان شفهياً أم
مكتوباً. ومن المفيد بهذا الخصوص عقد الاجتماعات التي تشترك فيها فروع الإدارة
المختلفة لتبادل الرأي ووجهات النظر من أجل زيادة تعاون هذه الفروع في تحقيق الهدف
المشرك. كما يمكن أن يتم التنسيق عن طريق لجان مشتركة من ممثلي الأقسام الإدارية
المتعددة. وقد يستعين الرئيس الإداري بهيئة استشارية متخصصة تعدّ له الدراسات المتعلقة
بالتنسيق، ووسائل تحقيقه.
وبمعنى آخر فإن أعمال الإدارة ليست من نوعٍ
واحد يسير على نمط محدد بذاته، بل أعمال متنوّعة، ومتباينة. وفي الوقت نفسه ليست
منعزلة ومستقلة تماماً عن بعضها، وإنما هي متشابكة، ومترابطة، يؤثر بعضها في البعض
الآخر، ويتأثر به. وكلما اتسع نطاق الإدارة، وتعددت أقسامها زادت الأمور تعقيداً،
لذا يتطلّب حسن سيرها المزيد من التنسيق الذي يحقق الانسجام بين عناصرها المختلفة.
وهكذا فإن التنسيق أمر لازم كلما تعددت الأعمال التي تبذل من أجل تحقيق هدف واحد
مشترك أياً كان مجال هذه الأعمال.
ومما يساعد على سهولة عملية التنسيق تحديد
مهمات كل وظيفةٍ إدارية بدقة ووضوح، وبيان علاقاتها بغيرها من الوظائف المختلفة.
ومعنى ذلك أن حسن التنظيم، وقيامه على أسس علمية صحيحة يؤدي إلى تيسير عملية
التنسيق، وتقليل العقبات المراد تذليلها.
ليست هناك تعليقات