سيناريوهات عودة الحجر الصحي للمغرب وتكلفة العودة لنقطة الصفر يعرف النقاش حول سيناريوهات فرض إجراءات الحجر الصحي تطورا لافتا خلال الأيام ال...
سيناريوهات عودة الحجر الصحي للمغرب وتكلفة العودة لنقطة الصفر
يعرف النقاش حول سيناريوهات فرض إجراءات الحجر الصحي تطورا لافتا خلال الأيام الأخيرة بفعل تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا بمجموعة من الجهات، لا سيما بجهة الدار البيضاء – سطات، حيث تظهر الاحصائيات المرتبطة بعدد حالات الإصابة والحالات التي توجد قيد العلاج والحالات الخطيرة ومستويات ملئ اسرة الإنعاش المخصصة لمرضى كوفيد على المستوى الوطني، تزايدا ملحوظا بعد التخفيف التدريجي من قيود وإجراءات الحجر الصحي، حيث تكاد الحياة تعود الى طبيعتها في اغلب مدن وقرى المملكة، بل أن الكثير من المواطنين والمواطنات اصبحوا يتعاملون بشكل عادي ودون أخذ الاحتياطات المطلوبة كالتباعد الاجتماعي والتدابير الوقائية المتمثلة في استعمال الكمامة والمعقمات الضرورية، مما يعني أن الجهود التي بذلت خلال المرحلة السابقة، تظل رهينة بما سيتخذ في مستقبل الأيام القليلة القادمة.
كما أن تصاعد مستويات النقاش حول فرض إجراءات جديدة للحجر
الصحي، يأتي في ظل اعلان عدد من الدول الاوربية عن قرارها بفرض اجراءات الحجر
الصحي الشامل، رغم أن هذه البلدان راهنت في وقت سابق على ترجيح كفة النشاط
الاقتصادي، لكنها اليوم تجد نفسها مرغمة للعودة لنقطة الصفر بفرض حالة طوارئ
شاملة، حيث يتخوف عدد كبير من المواطنين المغاربة من هذه المؤشرة التي تكاد تكون
قريبة من الوضعية الوبائية الحالية للمغرب، الأمر الذي يثير مخاوف البعض بأن يكون
قرار اعلان حالة الطوارئ الصحية مسألة أيام فقط، لا سيما وان بلدان مثل فرنسا
وبلجيكا وإنجلترا تتوفر على موارد وإمكانات مهمة في ارتباطها بقطاع الصحة، رغم ذلك
فهذه الدول لم تصمد طويلا امام زحف الفيروس واختارت الخيار الأكثر تعقيدا والأكثر
تكلفة وهو فرض إجراءات حجر صحي شامل.
هذه الاخبار القادمة من الضفة الأوربية تلقاها رواد مواقع
التواصل الاجتماعي في المغرب بنوع من التوجس والريبة والشك بكون منحنى تطور
الفيروس في هذه البلدان نفسه تقريبا منحى تطور الفيروس على المستوى الوطني وهو ما
يعني بطريقة أو بأخرى اننا قاب قوسين او أدنى من اتخاذ نفس القرار.
لكن السؤال
هنا، هل ينطبق الوضح الصحي والاقتصادي والاجتماعي في المغرب على نظره في هذه البلدان؟
وهل قرار فرض
الحجر الصحي أقل أم أكثر تكلفة بالنسبة للدولة؟
ما هي
السيناريوهات الأكثر نجاعة ورجاحة بالنسبة لوضعية المغرب إزاء الفيروس؟
وما هي الفئات
الأكثر تأثيرا من قرار الحجر الصحي الشامل أو الاستمرار في اتخاذ تدابير وإجراءات
محدودة؟
ان الإجابة على
هذه الأسئلة وغيرها، يحتاج بالضرورة الى تقييم سريع للإجراءات والتدابير المتخذة
على مدى 7 أشهر وتأثيرها الاقتصادي والاجتماعي، لا سيما وأن المغرب فرض إجراءات
الحجر الصحي في المراحل الأولى لظهور الفيروس، حيث كانت تسجل حالات قليلة مقارنة
مع ما يسجله اليوم وكيف
أنفق المغرب إمكانات مالية مهمة لضمان نوع من الاستقرار الاجتماعي، لا سيما مبالغ
الدعم التي خصصت للفئات الاجتماعية الفقيرة والهشة، حيث يصعب في الوقت الراهن
العودة لمثل هذه الإجراءات نظرا لتكلفتها المالية المرتفعة وحاجة الميزانية العامة
للاعتمادات المالية المطلوبة لاستكمال الأوراش المفتوحة وتنزيل السياسات والبرامج
وفق ما هو مسطر.
لذلك يصعب في
الوقت الراهن العودة لسيناريوهات تطبيق الحجر الصحي الشامل، نظرا لتكلفته المالية
والاجتماعية المرتفعة وتأثيره الكبير على النشاط الاقتصادي
بشكل عام وعلى الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة بشكل خاص، لا سيما وان نسبة كبيرة
من المغاربة يعيشون على الاقتصاد غير المهيكل، لكن في المقابل فإننا مطالبون اليوم
بالمزيد من التوعية والتحسيس بخصوص مخاطر الفيروس وباعتماد مراقبة صارمة للمقاهي
والمطاعم لحثها على احترام الإجراءات والتدابير الاحترازية المطلوبة وبالمراقبة
المشددة على وسائل النقل من أجل احترام الطاقة الاستيعابية المسموح بها، حيث يلاحظ
في بعض المناطق أن العديد من المواطنين يستعملون النقل السري ويتنقلون في ظروف
تغيب فيها ابسط الشروط الصحية المطلوبة.
لذلك، فان كل قرار يرتبط بعودة إجراءات
الحجر الصحي الشامل، يجب أن يراعى هذه الملاحظات والأرجح أن يتم اتخاذ هذه الإجراءات
والتدابير حسب المدن ووفق الحالة الوبائية لهذه المدن والقرى، اما إجراءات الحجر
الصحي الشامل، فسيكون لها انعكاسات اقتصادية واجتماعية ثقيلة وسيصعب تحملها.
ليست هناك تعليقات